القول في تأويل قوله:( وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ ) يقول عز ذكره:
وألهمناهم الصبر، وشددنا قلوبهم بنور الإيمان حتى عزفت أنفسهم عما كانوا عليه من خفض العيش.
كما حدثنا بشر، قال:ثنا يزيد، قال:ثنا سعيد عن قتادة ( وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ ) يقول:بالإيمان.
قوله:( إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ ) يقول:حين قاموا بين يدي الجبار دقينوس، فقالوا له إذ عاتبهم على تركهم عبادة آلهته ( رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ ) يقول:قالوا ربنا ملك السماوات والأرض وما فيهما من شيء، وآلهتك مربوبة، وغير جائز لنا أن نترك عبادة الربّ ونعبد المربوب ( لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا ) يقول:لن ندعو من دون ربّ السموات والأرض إلها، لأنه لا إله غيره، وإن كلّ ما دونه فهو خلقه ( لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا ) يقول جل ثناؤه:لئن دعونا إلها غير إله السماوات والأرض، لقد قلنا إذن بدعائنا غيره إلها، شططا من القول:يعني غاليا من الكذب، مجاوزا مقداره في البطول والغلوّ:كما قال الشاعر:
ألا يـا لَقَـوْمي قـد أشْـطَتْ عَوَاذِلي
ويــزْعُمْنَ أنْ أوْدَى بِحَـقِّي بـاطلي (7)
يقال منه:قد أشط فلان في السوم إذا جاوز القدر وارتفع، يشط إشطاطا وشططا. فأما من البعد فإنما يقال:شط منـزل فلان يشطّ شطوطا ، ومن الطول:شطت الجارية تشطّ شطاطا وشطاطة:إذا طالت.
وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله (شَطَطا) قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال:ثنا يزيد، قال:ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا ) يقول كذبا.
حدثنا يونس، قال:أخبرنا ابن وهب، قال:قال ابن زيد، في قوله ( لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا ) قال:لقد قلنا إذن خطأ، قال:الشطط:الخطأ من القول.