يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم:واذكر يا محمد في كتاب الله الذي أنـزله عليك بالحقّ مريم ابنة عمران ، حين اعتزلت من أهلها، وانفردت عنهم، وهو افتعل من النَّبذ، والنَّبذ:الطَّرْح، وقد بيَّنا ذلك بشواهده فيما مضى قبلُ.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال:ثنا يزيد، قال:ثنا سعيد، عن قتادة، في قوله (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ) أي انفردت من أهلها.
حدثني سليمان بن عبد الجبار، قال:ثنا محمد بن الصَّلْت، قال:ثنا أبو كُدَينة، عن قابوس، عن أبيه، عن ابن عباس (إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا) قال:خرجت مكانا شرقيا.
حدثنا موسى، قال:ثنا عمرو، قال:ثنا أسباط، عن السديّ، قال:خرجت مريم إلى جانب المحراب لحيض أصابها، وهو قوله:(6) فانتبذت من أهلها مكانا شرقيا:في شرقيّ المحراب.
وقوله (مَكَانًا شَرْقِيًّا) يقول:فتنحت واعتزلت من أهلها في موضع قِبَلَ مَشرق الشمس دون مَغربها.
كما حدثنا الحسن، قال:أخبرنا عبد الرزاق، قال:أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله (مَكَانًا شَرْقِيًّا) قال:من قِبَل المشرق.
حدثني إسحاق بن شاهين، قال:ثنا خالد بن عبد الله، عن داود، عن عامر، عن ابن عباس، قال:إني لأعلم خلق الله لأيّ شيء اتخذت النصارى المشرق قبلة لقول الله:فانتبذت من أهلها مكانا شرقيا، فاتخذوا ميلاد عيسى قبلة.
حدثنا ابن المثنى، قال:ثني عبد الأعلى، قال:ثنا داود، عن عامر، عن ابن عباس، مثله.
حدثني سليمان بن عبد الجبار، قال:أخبرنا محمد بن الصَّلْت، قال:ثنا أبو كُدَينة، عن قابوس، عن أبيه ، عن ابن عباس، قال:إن أهل الكتاب كتب عليهم الصلاة إلى البيت، والحج لله، وما صرفهم عنهما إلا تأويل ربك (إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا) فصلوا قبل مطلع الشمس.
حدثنا بشر، قال:ثنا يزيد، قال:ثنا سعيد، عن قتادة (إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا) قال:شاسعا متنحيا.
وقيل:إنها إنما صارت بمكان يلي مشرق الشمس، لأن ما يلي المشرق عندهم كان خيرا مما يلي المغرب ، وكذلك ذلك فيما ذُكر عند العرب.
----------------------
الهوامش:
(6) كذا هنا ، وفي موضوعين بعد:فانتبذت ، والقراءة:إذ انتبذت .