القول في تأويل قوله:رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (9)
قال أبو جعفر:يعني بذلك جل ثناؤه أنهم يقولون أيضًا = مع قولهم:آمنا بما تشابه من آي كتاب ربّنا، كلّ المحكم والمتشابه الذي فيه من عند ربنا =:يا ربنا،"إنك جامعُ الناس ليوم لا ريب فيه إنّ الله لا يخلف الميعاد ".
وهذا من الكلام الذي استُغنى بذكر ما ذكر منه عما ترك ذكره. وذلك أن معنى الكلام:ربنا إنك جامع الناس ليوم القيامة، فاغفر لنا يومئذ واعف عنا، فإنك لا تخلف وَعْدك:أنّ من آمن بك، واتَّبع رَسُولك، وعمل بالذي أمرتَه به في كتابك، أنك غافره يومئذ.
وإنما هذا من القوم مسألة ربَّهم أن يثبِّتهم على ما هم عليه من حُسن بَصيرتهم، (174) بالإيمان بالله ورسوله، وما جاءهم به من تنـزيله، حتى يقبضهم على أحسن أعمالهم وإيمانهم، فإنه إذا فعل ذلك بهم، وجبتْ لهم الجنة، لأنه قد وعد من فعل ذلك به من عباده أنه يُدخله الجنة.
فالآية، وإن كانت قد خرجت مخرج الخبر، فإن تأويلَها من القوم:مسألةٌ ودعاءٌ ورغبة إلى ربهم.
* * *
وأما معنى قوله:"ليوم لا ريب فيه "، فإنه:لا شك فيه. وقد بينا ذلك بالأدلة على صحته فيما مضى قبل. (175)
* * *
ومعنى قوله:"ليوم "، في يوم. وذلك يومٌ يجمع الله فيه خلقَه لفصل القضاء بينهم في موقف العَرضْ والحساب.
* * *
"والميعاد ""المفعال "، من "الوعد ".
------------------------
الهوامش:
(174) في المطبوعة:"من حسن نصرتهم"، ولا معنى لها ، وفي المخطوطة:"نصرتهم". غير منقوطة ، والذي أثبته هو صواب قراءتها.
(175) انظر ما سلف 1:228 ، 378 / ثم 6:78.