{ ربنا إنك جامع الناس لبوم لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد} .
جمع الناس وحشرهم واحد وجمعهم لذلك اليوم للجزاء فيه وهو يوم القيامة .وكونه لا ريب فيه معناه أننا موقنون به لا نشك فيه لأنك أخبرت به ووعدت وأوعدت بالجزاء فيه .وليس معناه كمعنى{ ذلك الكتاب لا ريب فيه} [ البقرة:2] أي أنه ليس من شانه أن يرتاب فيه ، فإن الكلام هناك عن الكتاب في نفسه والكلام هنا حكاية عن المؤمنين الراسخين في العلم .ولذلك علل نفي الريب بنفي إخلاف الميعاد ، وجيء به على طريق الالتفات عن الخطاب إلى الغيبة للإشعار بهذا التعليلهذا على قول الجمهور أن الجملة كالدعاء من كلام الراسخين في العلم ، وجوزوا أن تكون من كلامه تعالى لتقرير قولهم ودعائهم وهو خلاف المتبادر .
قال الأستاذ الإمام:إن مناسبة هذا الدعاء للإيمان بالمتشابه ظاهرة على القول بان المتشابه هو الإخبار عن الآخرة أي أنهم كما يؤمنون بالمتشابه يؤمنون بمضمونه والمراد منه وما يؤول إليه .وأما على القول بأنه لا يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم فوجهه أنهم يذكرون يوم الجمع ليستشعروا أنفسهم الخوف من تسرب الزيغ الذي يبسلهم{[298]} في ذلك اليوم .فهذا الخوف هو مبعث الحذر والتوقي من الزيغ .أعاذنا الله منه بمنه وكرمه .