وقوله سبحانه-:يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ بيان لفضل الله- تعالى- على هؤلاء المؤمنين، ولحسن عاقبتهم..
والمراد بالحياة الدنيا:مدة حياتهم في هذه الدنيا.
والمراد بالآخرة:ما يشمل سؤالهم في القبر وسؤالهم في مواقف القيامة.
والمعنى:يثبت الله- تعالى- الذين آمنوا بالقول الثابت أى:الصادق الذي لا شك فيه، في الحياة الدنيا، بأن يجعلهم متمسكين بالحق، ثابتين عليه دون أن يصرفهم عن ذلك ترغيب أو ترهيب.
ويثبتهم أيضا بعد مماتهم، بأن يوفقهم إلى الجواب السديد عند سؤالهم في القبر وعند سؤالهم في مواقف يوم القيامة.
قال الآلوسى ما ملخصه:«قوله- تعالى- يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ أى:الذي ثبت عندهم وتمكن في قلوبهم، وهو الكلمة الطيبة التي ذكرت صفتها العجيبة..
«في الحياة الدنيا» أى يثبتهم بالبقاء على ذلك مدة حياتهم، فلا يزالون عند الفتنة ... «وفي الآخرة» أى بعد الموت وذلك في القبر الذي هو أول منزل من منازل الآخرة، وفي مواقف القيامة، فلا يتلعثمون إذا سئلوا عن معتقدهم هناك، ولا تدهشهم الأهوال..» .
هذا، وقد ساق الإمام ابن كثير هنا جملة من الأحاديث التي وردت في سؤال القبر، منها قوله:قال البخاري:حدثنا أبو الوليد، حدثنا شعبة، أخبرنى علقمة بن مرثد قال:سمعت سعد بن عبيدة عن البراء بن عازب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«المسلم إذا سئل في القبر شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فذلك قوله:«يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة» .
وقوله:وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ بيان لسوء عاقبة أصحاب المثل الثاني وهم الكافرون.
أى:ويخلق فيهم الضلال عن الحق بسبب إيثارهم الكفر على الإيمان.
وَيَفْعَلُ اللَّهُ ما يَشاءُ فعله، عن تثبيت من يريد تثبيته، وإضلال من يريد إضلاله، حسبما تقتضيه إرادته وحكمته، لا راد لأمره، ولا معقب لحكمه.
ثم بين- سبحانه- بعد ذلك مصير الجاحدين الذين قابلوا نعم الله بالكنود والجحود، وأمر المؤمنين بأداء ما كلفهم به- سبحانه- من عبادات وقربات، وساق لهم ألوانا من الآلاء التي تفضل بها على عباده، فقال- تعالى-: