قال البخاري:حدثنا أبو الوليد ، حدثنا شعبة ، أخبرني علقمة بن مرثد قال:سمعت سعد بن عبيدة ، عن البراء بن عازب ، رضي الله عنه; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"المسلم إذا سئل في القبر ، شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، فذلك قوله:( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ) .
ورواه مسلم أيضا وبقية الجماعة كلهم ، من حديث شعبة ، به .
وقال الإمام أحمد:حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن زاذان ، عن البراء بن عازب قال:خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار ، فانتهينا إلى القبر ولما يلحد ، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلسنا حوله ، كأن على رءوسنا الطير ، وفي يده عود ينكت به في الأرض ، فرفع رأسه فقال:"استعيذوا بالله من عذاب القبر "، مرتين أو ثلاثا ، ثم قال:"إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل إليه ملائكة من السماء ، بيض الوجوه كأن وجوههم الشمس ، معهم كفن من أكفان الجنة وحنوط من حنوط الجنة ، حتى يجلسوا منه مد البصر . ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه ، فيقول:أيتها النفس الطيبة ، اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان ". قال:"فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء فيأخذها ، فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين ، حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن وفي ذلك الحنوط ، ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض . فيصعدون بها ، فلا يمرون - يعني بها - على ملأ من الملائكة إلا قالوا:ما هذا الروح [ الطيب] ؟ فيقولون:فلان ابن فلان ، بأحسن أسمائه التي [ كانوا] يسمونه بها في الدنيا ، حتى ينتهوا به إلى السماء الدنيا ، فيستفتحون له ، فيفتح له ، فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها ، حتى ينتهى بها إلى السماء السابعة ، فيقول الله:اكتبوا كتاب عبدي في عليين ، وأعيدوه إلى الأرض ، فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ، ومنها أخرجهم تارة أخرى ".
قال:"فتعاد روحه [ في جسده] فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له:من ربك ؟ فيقول:ربي الله . فيقولان له:ما دينك ؟ فيقول:ديني الإسلام . فيقولان له:ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول:هو رسول الله . فيقولان له:وما علمك ؟ فيقول:قرأت كتاب الله ، فآمنت به وصدقت . فينادي مناد من السماء:أن صدق عبدي ، فأفرشوه من الجنة ، وألبسوه من الجنة ، وافتحوا له بابا إلى الجنة - قال:فيأتيه من روحها وطيبها ، ويفسح له في قبره مد بصره . ويأتيه رجل حسن الوجه ، حسن الثياب ، طيب الريح ، فيقول:أبشر بالذي يسرك ، هذا يومك الذي كنت توعد . فيقول له من أنت ؟ فوجهك الوجه يجيء بالخير . فيقول:أنا عملك الصالح . فيقول:رب أقم الساعة . رب ، أقم الساعة ، حتى أرجع إلى أهلي ومالي ".
قال:"وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة ، نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه ، معهم المسوح ، فجلسوا منه مد البصر . ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه ، فيقول:أيتها النفس الخبيثة ، اخرجي إلى سخط من الله وغضب ". قال:"فتفرق في جسده ، فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول ، فيأخذها ، فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين ، حتى يجعلوها في تلك المسوح . ويخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض ، فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا:ما هذا الروح الخبيث ؟ فيقولون:فلان ابن فلان ، بأقبح أسمائه التي كان يسمونه بها في الدنيا [ حتى ينتهى به إلى السماء الدنيا] فيستفتح له فلا يفتح له ". ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم:( لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط ) [ الأعراف:40] ، فيقول الله:"اكتبوا كتابه في سجين ، في الأرض السفلى ، فتطرح روحه طرحا ". ثم قرأ:( ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق ) [ الحج:31] .
"فتعاد روحه في جسده ، ويأتيه ملكان فيجلسانه ويقولان له:من ربك ؟ فيقول:هاه هاه ، لا أدري . فيقولان له:ما دينك ؟ فيقول:هاه هاه ، لا أدري . فيقولان له:ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول:هاه هاه ، لا أدري . فينادي مناد من السماء:أن كذب فأفرشوه من النار ، وافتحوا له بابا إلى النار . فيأتيه من حرها وسمومها ، ويضيق عليه قبره ، حتى تختلف فيه أضلاعه ، ويأتيه رجل قبيح الوجه ، قبيح الثياب ، منتن الريح فيقول:أبشر بالذي يسوءك ، هذا يومك الذي كنت توعد . فيقول:ومن أنت فوجهك [ الوجه] يجيئ بالشر . فيقول:أنا عملك الخبيث ، فيقول:رب ، لا تقم الساعة ".
ورواه أبو داود من حديث الأعمش ، والنسائي وابن ماجه من حديث المنهال بن عمرو ، به .
وقال الإمام أحمد:حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن يونس بن خباب عن المنهال بن عمرو ، عن زاذان ، عن البراء بن عازب ، رضي الله عنه ، قال:خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنازة ، فذكر نحوه .
وفيه:"حتى إذا خرج روحه صلى عليه كل ملك بين السماء والأرض ، [ وكل ملك في السماء] وفتحت أبواب السماء ، ليس من أهل باب إلا وهم يدعون الله ، عز وجل ، أن يعرج بروحه من قبلهم ".
وفي آخره:"ثم يقيض له أعمى أصم أبكم ، وفي يده مرزبة لو ضرب بها جبل لكان ترابا ، فيضربه ضربة فيصير ترابا . ثم يعيده الله ، عز وجل ، كما كان ، فيضربه ضربة أخرى فيصيح صيحة يسمعها كل شيء إلا الثقلين ". قال البراء:ثم يفتح له باب إلى النار ، ويمهد من فرش النار .
وقال سفيان الثوري ، عن أبيه ، عن خيثمة ، عن البراء في قوله تعالى:( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا ) قال:عذاب القبر .
وقال المسعودي ، عن عبد الله بن مخارق ، عن أبيه ، عن عبد الله قال:إن المؤمن إذا مات أجلس في قبره ، فيقال له:من ربك ؟ ما دينك ؟ من نبيك ؟ فيثبته الله ، فيقول:ربي الله ، وديني الإسلام ، ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم . وقرأ عبد الله:( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ) .
وقال الإمام عبد بن حميد ، رحمه الله ، في مسنده:حدثنا يونس بن محمد ، حدثنا شيبان بن عبد الرحمن ، عن قتادة ، حدثنا أنس بن مالك قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن العبد إذا وضع في قبره ، وتولى عنه أصحابه ، إنه ليسمع قرع نعالهم ". قال:"فيأتيه ملكان فيقعدانه فيقولان له:ما كنت تقول في هذا الرجل ؟ "قال:"فأما المؤمن فيقول:أشهد أنه عبد الله ورسوله ". قال:"فيقال له:انظر إلى مقعدك من النار ، قد أبدلك الله به مقعدا من الجنة ". قال نبي الله صلى الله عليه وسلم:"فيراهما جميعا ". قال قتادة:وذكر لنا أنه يفسح له في قبره سبعون ذراعا ، ويملأ عليه خضرا إلى يوم القيامة .
رواه مسلم عن عبد بن حميد ، به وأخرجه النسائي من حديث يونس بن محمد المؤدب ، به .
وقال الإمام أحمد:حدثنا يحيى بن سعيد ، عن ابن جريج ، أخبرني أبو الزبير ، أنه سأل جابر بن عبد الله عن فتاني القبر فقال:سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:"إن هذه الأمة تبتلى في قبورها ، فإذا أدخل المؤمن قبره وتولى عنه أصحابه ، جاء ملك شديد الانتهار ، فيقول له:ما كنت تقول في هذا الرجل ؟ فيقول المؤمن:أقول:إنه رسول الله وعبده . فيقول له الملك:انظر إلى مقعدك الذي كان لك في النار ، قد أنجاك الله منه ، وأبدلك بمقعدك الذي ترى من النار مقعدك الذي ترى من الجنة ، فيراهما كليهما . فيقول المؤمن:دعوني أبشر أهلي . فيقال له:اسكن . وأما المنافق فيقعد إذا تولى عنه أهله ، فيقال له:ما كنت تقول في هذا الرجل ؟ فيقول:لا أدري ، أقول كما يقول الناس . فيقال له:لا دريت ، هذا مقعدك الذي كان لك في الجنة ، قد أبدلت مكانه مقعدك من النار ".
قال جابر:فسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:"يبعث كل عبد في القبر على ما مات ، المؤمن على إيمانه ، والمنافق على نفاقه ".
إسناده صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه .
وقال الإمام أحمد:حدثنا أبو عامر ، حدثنا عباد بن راشد ، عن داود بن أبي هند ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد الخدري قال:شهدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جنازة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا أيها الناس ، إن هذه الأمة تبتلى في قبورها ، فإذا الإنسان دفن وتفرق عنه أصحابه ، جاءه ملك في يده مطراق فأقعده ، قال:ما تقول في هذا الرجل ؟ فإن كان مؤمنا قال:أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله فيقول له:صدقت . ثم يفتح له بابا إلى النار ، فيقول:هذا كان منزلك لو كفرت بربك ، فأما إذ آمنت فهذا منزلك . فيفتح له بابا إلى الجنة ، فيريد أن ينهض إليه ، فيقول له:اسكن . ويفسح له في قبره ". "وإن كان كافرا أو منافقا يقول له:ما تقول في هذا الرجل ؟ فيقول:لا أدري ، سمعت الناس يقولون شيئا فيقول:لا دريت ولا تليت ولا اهتديت . ثم يفتح له بابا إلى الجنة ، فيقول له:هذا منزلك لو آمنت بربك ، فأما إذ كفرت به فإن الله ، عز وجل ، أبدلك به هذا . فيفتح له بابا إلى النار ، ثم يقمعه قمعة بالمطراق يسمعها خلق الله ، عز وجل ، كلهم غير الثقلين ". فقال بعض القوم:يا رسول الله ، ما أحد يقوم عليه ملك في يده مطراق إلا هيل عند ذلك . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت ) .
وهذا أيضا إسناد لا بأس به ، فإن عباد بن راشد التميمي روى له البخاري مقرونا ، ولكن ضعفه بعضهم .
وقال الإمام أحمد:حدثنا حسين بن محمد ، عن ابن أبي ذئب ، عن محمد بن عمرو بن عطاء ، عن سعيد بن يسار ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم إن الميت تحضره الملائكة ، فإذا كان الرجل الصالح قالوا:اخرجي أيتها النفس المطمئنة كانت في الجسد الطيب ، اخرجي حميدة ، وأبشري بروح وريحان ورب غير غضبان ". قال:"فلا يزال يقال لها ذلك حتى تخرج ، ثم يعرج بها إلى السماء ، فيستفتح لها فيقال:من هذا ؟ فيقال:فلان . فيقولون:مرحبا بالروح الطيبة كانت في الجسد الطيب ، ادخلي حميدة ، وأبشري بروح وريحان ، ورب غير غضبان "قال:فلا يزال يقال لها ذلك ، حتى ينتهى بها إلى السماء التي فيها الله عز وجل .
وإذا كان الرجل السوء قالوا:اخرجي أيتها النفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث ، اخرجي ذميمة ، وأبشري بحميم وغساق ، وآخر من شكله أزواج . فلا يزال يقال لها ذلك حتى تخرج ، ثم يعرج بها إلى السماء ، فيستفتح لها فيقال:من هذا ؟ فيقال:فلان ، فيقال:لا مرحبا بالنفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث ، ارجعي ذميمة ، فإنه لا تفتح لك أبواب السماء . فيرسل من السماء ، ثم يصير إلى القبر "، فيجلس الرجل الصالح فيقال له مثل ما قيل في الحديث الأول ، ويجلس الرجل السوء فيقال له مثل ما قيل في الحديث الأول .
ورواه النسائي وابن ماجه ، من طريق ابن أبي ذئب بنحوه .
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال:إذا خرجت روح العبد المؤمن ، تلقاها ملكان يصعدان بها . قال حماد:فذكر من طيب ريحها وذكر المسك . قال:ويقول أهل السماء:روح طيبة جاءت من قبل الأرض ، صلى الله عليك وعلى جسد كنت تعمرينه ، فينطلق به إلى ربه عز وجل ، فيقول:انطلقوا به إلى آخر الأجل . وإن الكافر إذا خرجت روحه . قال حماد:وذكر من نتنها وذكر مقتا ، ويقول أهل السماء:روح خبيثة جاءت من قبل الأرض . قال:فيقال:انطلقوا به إلى آخر الأجل . قال أبو هريرة:فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم ريطة كانت عليه على أنفه ، هكذا .
وقال ابن حبان في صحيحه:حدثنا عمر بن محمد الهمداني ، حدثنا زيد بن أخزم ، حدثنا معاذ بن هشام ، حدثني أبي ، عن قتادة ، عن قسامة بن زهير ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن المؤمن إذا قبض ، أتته ملائكة الرحمة بحريرة بيضاء ، فيقولون:اخرجي إلى روح الله . فتخرج كأطيب ريح مسك ، حتى إنه ليناوله بعضهم بعضا يشمونه حتى يأتوا به باب السماء ، فيقولون ما هذا الريح الطيبة التي جاءت من قبل الأرض ؟ ولا يأتون سماء إلا قالوا مثل ذلك ، حتى يأتوا به أرواح المؤمنين ، فلهم أشد فرحا به من أهل الغائب بغائبهم ، فيقولون:ما فعل فلان ؟ فيقولون:دعوه حتى يستريح ، فإنه كان في غم! فيقول:قد مات ، أما أتاكم ؟ فيقولون:ذهب به إلى أمه الهاوية . وأما الكافر فيأتيه ملائكة العذاب بمسح فيقولون:اخرجي إلى غضب الله ، فتخرج كأنتن ريح جيفة ، فيذهب به إلى باب الأرض ".
وقد روي أيضا من طريق همام بن يحيى ، عن قتادة ، عن أبي الجوزاء ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه . قال:"فيسأل:ما فعل فلان ، ما فعل فلان ؟ ما فعلت فلانة ؟ "قال:"وأما الكافر فإذا قبضت نفسه ، وذهب بها إلى باب الأرض تقول خزنة الأرض:ما وجدنا ريحا أنتن من هذه . فيبلغ بها الأرض السفلى ".
قال قتادة:وحدثني رجل ، عن سعيد بن المسيب ، عن عبد الله بن عمرو قال:أرواح المؤمنين تجمع بالجابية . وأرواح الكفار تجمع ببرهوت ، سبخة بحضرموت .
وقال الحافظ أبو عيسى الترمذي ، رحمه الله:حدثنا يحيى بن خلف ، حدثنا بشر بن المفضل ، عن عبد الرحمن بن إسحاق ، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذا قبر الميت - أو قال:أحدكم - أتاه ملكان أسودان أزرقان يقال لأحدهما:المنكر ، والآخر:النكير ، فيقولان:ما كنت تقول في هذا الرجل ؟ فيقول ما كان يقول:هو عبد الله ورسوله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله . فيقولان:قد كنا نعلم أنك تقول هذا . ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعا في سبعين . ثم ينور له فيه ، ثم يقال له:نم . فيقول:أرجع إلى أهلي فأخبرهم ، فيقولان:نم نومة العروس الذي لا يوقظه إلا أحب أهله إليه ، حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك . وإن كان منافقا قال:سمعت الناس يقولون فقلت مثلهم ، لا أدري . فيقولان:قد كنا نعلم أنك تقول ذلك ، فيقال للأرض:التئمي عليه . فتلتئم عليه ، فتختلف أضلاعه ، فلا يزال فيها معذبا حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك ".
ثم قال الترمذي:هذا حديث حسن غريب .
وقال حماد بن سلمة ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال:قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ) قال:"ذاك إذا قيل له في القبر:من ربك ؟ وما دينك ؟ فيقول:ربي الله ، وديني الإسلام ، ونبيي محمد ، جاءنا بالبينات من عند الله ، فآمنت به وصدقت . فيقال له:صدقت ، على هذا عشت ، وعليه مت ، وعليه تبعث ".
وقال ابن جرير:حدثنا مجاهد بن موسى والحسن بن محمد قالا:حدثنا يزيد ، أنبأنا محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة إن الميت ليسمع خفق نعالهم حين يولون عنه مدبرين ، فإذا كان مؤمنا كانت الصلاة عند رأسه ، والزكاة عن يمينه ، والصيام عن يساره ، وكان فعل الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف والإحسان إلى الناس عند رجليه ، فيؤتى من عند رأسه فتقول الصلاة:ما قبلي مدخل ، فيؤتى من عن يمينه فتقول الزكاة:ما قبلي مدخل . فيؤتى عن يساره فيقول الصيام:ما قبلي مدخل . فيؤتى من عند رجليه فيقول فعل الخيرات:ما قبلي مدخل . فيقال له اجلس .
فيجلس ، قد تمثلت له الشمس ، قد دنت للغروب ، فيقال له أخبرنا عما نسألك . فيقول:دعوني حتى أصلي . فيقال:إنك ستفعل ، فأخبرنا عما نسألك . فيقول:وعم تسألوني ؟ فيقال:أرأيت هذا الرجل الذي كان فيكم ، ماذا تقول فيه ، وماذا تشهد به عليه ؟ فيقول:أمحمد ؟ فيقال له:نعم . فيقول:أشهد أنه رسول الله ، وأنه جاءنا بالبينات من عند الله ، فصدقناه . فيقال له:على ذلك حييت ، وعلى ذلك مت ، وعلى ذلك تبعث إن شاء الله . ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعا وينور له فيه ، ويفتح له باب إلى الجنة ، فيقال له:انظر إلى ما أعد الله لك فيها . فيزداد غبطة [ وسرورا] ثم يجعل نسمه في النسم الطيب ، وهي طير خضر تعلق بشجر الجنة ، ويعاد الجسد إلى ما بدئ منه من التراب "وذلك قول الله:( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ) .
ورواه ابن حبان من طريق المعتمر بن سليمان ، عن محمد بن عمرو ، وذكر جواب الكافر وعذابه .
وقال البزار:حدثنا سعيد بن بحر القراطيسي ، حدثنا الوليد بن القاسم ، حدثنا يزيد بن كيسان ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة - أحسبه رفعه - قال:"إن المؤمن ينزل به الموت ، ويعاين ما يعاين ، فيود لو خرجت - يعني نفسه - والله يحب لقاءه ، وإن المؤمن يصعد بروحه إلى السماء ، فتأتيه أرواح المؤمنين ، فتستخبره عن معارفهم من أهل الأرض ، فإذا قال:تركت فلانا في الأرض أعجبهم ذلك . وإذا قال:إن فلانا قد مات ، قالوا:ما جيء به إلينا . وإن المؤمن يجلس في قبره ، فيسأل:من ربك ؟ فيقول:ربي الله ويسأل:من نبيك ؟ فيقول:محمد نبيي فيقال:ماذا دينك ؟ قال:ديني الإسلام . فيفتح له باب في قبره ، فيقول - أو:يقال - انظر إلى مجلسك . ثم يرى القبر فكأنما كانت رقدة . وإذا كان عدو الله نزل به الموت وعاين ما عاين ، فإنه لا يحب أن تخرج روحه أبدا ، والله يبغض لقاءه ، فإذا جلس في قبره - أو:أجلس - يقال له:من ربك ؟ فيقول:لا أدري . فيقال:لا دريت . فيفتح له باب من جهنم ، ثم يضرب ضربة يسمعها كل دابة إلا الثقلين ، ثم يقال له:نم كما ينام المنهوش ". قلت لأبي هريرة:ما المنهوش ؟ قال:الذي تنهشه الدواب والحيات ، ثم يضيق عليه قبره .
ثم قال:لا نعلم رواه إلا الوليد بن القاسم .
وقال الإمام أحمد - رحمه الله -:حدثنا حجين بن المثنى ، حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون ، عن محمد بن المنكدر قال:كانت أسماء - يعني بنت الصديق - رضي الله عنها - تحدث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت:قال:"إذا دخل الإنسان قبره ، فإن كان مؤمنا أحف به عمله:الصلاة والصيام "قال:"فيأتيه الملك من نحو الصلاة فترده ، ومن نحو الصيام فيرده "قال:"فيناديه:اجلس . فيجلس . فيقول له:ماذا تقول في هذا الرجل ؟ يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:من ؟ قال:محمد . قال أشهد أنه رسول الله ، قال:يقول:وما يدريك ؟ أدركته ؟ قال:أشهد أنه رسول الله . قال:يقول:على ذلك عشت ، وعليه مت ، وعليه تبعث . وإن كان فاجرا أو كافرا ، جاءه الملك ليس بينه وبينه شيء يرده ، فأجلسه يقول:اجلس ، ماذا تقول في هذا الرجل ؟ قال:أي رجل ؟ قال:محمد ؟ قال:يقول:والله ما أدري ، سمعت الناس يقولون شيئا فقلته . قال له الملك:على ذلك عشت ، وعليه مت ، وعليه تبعث . قال:وتسلط عليه دابة في قبره ، معها سوط تمرته جمرة مثل غرب البعير ، تضربه ما شاء الله ، صماء لا تسمع صوته فترحمه ".
وقال العوفي ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في هذه الآية قال:إن المؤمن إذا حضره الموت شهدته الملائكة ، فسلموا عليه وبشروه بالجنة ، فإذا مات مشوا مع جنازته ، ثم صلوا عليه مع الناس ، فإذا دفن أجلس في قبره فيقال له:من ربك ؟ فيقول:ربي الله . فيقال له:من رسولك ؟ فيقول:محمد - صلى الله عليه وسلم - . فيقال له:ما شهادتك ؟ فيقول:أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا رسول الله . فيوسع له في قبره مد بصره . وأما الكافر فتنزل عليه الملائكة ، فيبسطون أيديهم - "والبسط ":هو الضرب - يضربون وجوههم وأدبارهم عند الموت . فإذا أدخل قبره أقعد ، فقيل له:من ربك ؟ فلم يرجع إليهم شيئا ، وأنساه الله ذكر ذلك . وإذا قيل:من الرسول الذي بعث إليك ؟ لم يهتد له ، ولم يرجع إليه شيئا ، كذلك يضل الله الظالمين .
وقال ابن أبي حاتم:حدثنا أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي ، حدثنا شريح بن مسلمة حدثنا إبراهيم بن يوسف ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق ، عن عامر بن سعد البجلي ، عن أبي قتادة الأنصاري في قوله تعالى:( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ) الآية ، قال:إن المؤمن إذا مات أجلس في قبره ، فيقال له:من ربك ؟ فيقول:الله . فيقال له:من نبيك ؟ فيقول:محمد بن عبد الله . فيقال له في ذلك مرات . ثم يفتح له باب إلى النار ، فيقال له:انظر إلى منزلك في النار لو زغت ثم يفتح له باب إلى الجنة ، فيقال له:انظر إلى منزلك [ من الجنة إذ ثبت . وإذا مات الكافر أجلس في قبره ، فيقال له:من ربك ؟ من نبيك ؟ فيقول:لا أدري ، كنت أسمع الناس يقولون . فيقال له:لا دريت . ثم يفتح له باب إلى الجنة ، فيقال له:انظر إلى منزلك] لو ثبت ، ثم يفتح له باب إلى النار ، فيقال له:انظر إلى منزلك إذ زغت فذلك قوله تعالى:( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة )
وقال عبد الرزاق ، عن معمر ، عن ابن طاوس ، عن أبيه:( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ) قال:لا إله إلا الله ، ( وفي الآخرة ) المسألة في القبر .
وقال قتادة:أما الحياة الدنيا فيثبتهم بالخير والعمل الصالح ، ( وفي الآخرة ) في القبر . وكذا روي عن غير واحد من السلف .
وقال أبو عبد الله الحكيم الترمذي في كتابه "نوادر الأصول ":حدثنا أبي ، حدثنا عبد الله بن نافع ، عن ابن أبي فديك ، عن عبد الرحمن بن عبد الله عن سعيد بن المسيب ، عن عبد الرحمن بن سمرة قال:خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم ، ونحن في مسجد المدينة ، فقال:"إني رأيت البارحة عجبا ، رأيت رجلا من أمتي [ جاءه ملك الموت ليقبض روحه ، فجاءه بره بوالديه فرد عنه . ورأيت رجلا من أمتي] قد بسط عليه عذاب القبر ، فجاءه وضوءه فاستنقذه من ذلك . ورأيت رجلا من أمتي [ قد] احتوشته الشياطين ، فجاءه ذكر الله فخلصه من بينهم . ورأيت رجلا من أمتي قد احتوشته ملائكة العذاب ، فجاءته صلاته فاستنقذته من أيديهم . ورأيت رجلا من أمتي يلهث عطشا ، كلما ورد حوضا منع منه ، فجاءه صيامه فسقاه وأرواه . ورأيت رجلا من أمتي والنبيون قعود حلقا حلقا ، وكلما دنا لحقة طردوه ، فجاءه اغتساله من الجنابة ، فأخذ بيده فأقعده إلى جنبي . ورأيت رجلا من أمتي [ من] بين يديه ظلمة ، ومن خلفه ظلمة ، وعن يمينه ظلمة ، وعن شماله ظلمة ، ومن فوقه ظلمة ، ومن تحته ظلمة ، وهو متحير فيها ، فجاءته حجته وعمرته ، فاستخرجاه من الظلمة وأدخلاه النور ، ورأيت رجلا من أمتي يكلم المؤمنين فلا يكلمونه ، فجاءته صلة الرحم ، فقالت:يا معشر المؤمنين ، كلموه ، فكلموه . ورأيت رجلا من أمتي يتقي وهج النار أو شررها بيده عن وجهه ، فجاءته صدقته فصارت سترا على وجهه وظلا على رأسه . ورأيت رجلا من أمتي قد أخذته الزبانية من كل مكان ، فجاءه أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر ، فاستنقذاه من أيديهم ، وأدخلاه مع ملائكة الرحمة . ورأيت رجلا من أمتي جاثيا على ركبتيه ، بينه وبين الله حجاب ، فجاءه حسن خلقه ، فأخذ بيده فأدخله على الله - عز وجل - . ورأيت رجلا من أمتي قد هوت صحيفته من قبل شماله ، فجاءه خوفه من الله فأخذ صحيفته ، فجعلها في يمينه . [ ورأيت رجلا من أمتي قد خف ميزانه ، فجاءته أفراطه فثقلوا ميزانه] ورأيت رجلا من أمتي قائما على شفير جهنم ، فجاءه وجله من الله ، فاستنقذه من ذلك ومضى . ورأيت رجلا من أمتي هوى في النار ، فجاءته دموعه التي بكى من خشية الله في الدنيا فاستخرجته من النار ، [ ورأيت رجلا من أمتي قائما على الصراط يرعد كما ترعد السعفة ، فجاء حسن ظنه بالله ، فسكن رعدته ، ومضى] ورأيت رجلا من أمتي على الصراط يزحف أحيانا ويحبو أحيانا ، فجاءته صلاته علي ، فأخذت بيده فأقامته ومضى على الصراط . ورأيت رجلا من أمتي انتهى إلى أبواب الجنة ، فغلقت الأبواب دونه ، فجاءته شهادة:أن لا إله إلا الله ، ففتحت له الأبواب وأدخلته الجنة ".
قال القرطبي بعد إيراده هذا الحديث من هذا الوجه:هذا حديث عظيم ، ذكر فيه أعمالا خاصة تنجي من أهوال خاصة . أورده هكذا في كتابه "التذكرة ".
وقد روى الحافظ أبو يعلى الموصلي في هذا حديثا غريبا مطولا فقال:حدثنا أبو عبد الله أحمد بن إبراهيم النكري ، حدثنا محمد بن بكر البرساني أبو عثمان ، حدثنا أبو عاصم الحبطي - وكان من خيار أهل البصرة ، وكان من أصحاب حزم ، وسلام بن أبي مطيع - حدثنا بكر بن خنيس ، عن ضرار بن عمرو ، عن يزيد الرقاشي ، عن أنس بن مالك ، عن تميم الداري ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"يقول الله - عز وجل - لملك الموت:انطلق إلى وليي فأتني به ، فإني قد ضربته بالسراء والضراء ، فوجدته حيث أحب . ائتني به فلأريحنه .
فينطلق إليه ملك الموت ومعه خمسمائة من الملائكة ، معهم أكفان وحنوط من الجنة ، ومعهم ضبائر الريحان ، أصل الريحانة واحد وفي رأسها عشرون لونا ، لكل لون منها ريح سوى ريح صاحبه ، ومعهم الحرير الأبيض فيه المسك الأذفر . فيجلس ملك الموت عند رأسه ، وتحف به الملائكة . ويضع كل ملك منهم يده على عضو من أعضائه ويبسط ذلك الحرير الأبيض والمسك الأذفر تحت ذقنه ، ويفتح له بابا إلى الجنة ، فإن نفسه لتعلل عند ذلك بطرف الجنة تارة ، وبأزواجها [ مرة] ومرة بكسواتها ومرة بثمارها ، كما يعلل الصبي أهله إذا بكى ". قال:"وإن أزواجه ليبتهشن عند ذلك ابتهاشا ".
قال:"وتنزو الروح ". قال البرساني:يريد أن تخرج من العجل إلى ما تحب . قال:"ويقول ملك الموت:اخرجي يا أيتها الروح الطيبة ، إلى سدر مخضود ، وطلح منضود ، وظل ممدود ، وماء مسكوب ". قال:"ولملك الموت أشد به لطفا من الوالدة بولدها ، يعرف أن ذلك الروح حبيب لربه ، فهو يلتمس بلطفه تحببا لديه رضاء للرب عنه ، فتسل روحه كما تسل الشعرة من العجين ". قال:"وقال الله - عز وجل -:( الذين تتوفاهم الملائكة طيبين ) [ النحل:32] وقال ( فأما إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة نعيم ) [ الواقعة:88 ، 89] قال:"روح من جهة الموت ، وريحان يتلقى به ، وجنة نعيم تقابله ". قال:"فإذا قبض ملك الموت روحه ، قالت الروح للجسد:جزاك الله عني خيرا ، فقد كنت سريعا بي إلى طاعة الله ، بطيئا بي عن معصية الله ، فقد نجيت وأنجيت ". قال:"ويقول الجسد للروح مثل ذلك ".
قال:"وتبكي عليه بقاع الأرض التي كان يطيع الله فيها ، وكل باب من السماء يصعد منه عمله . وينزل منه رزقه أربعين ليلة ".
قال:"فإذا قبض ملك الموت روحه ، أقامت الخمسمائة من الملائكة عند جسده ، فلا يقلبه بنو آدم لشق إلا قلبته الملائكة قبلهم ، وغسلته وكفنته بأكفان قبل أكفان بني آدم ، وحنوط قبل حنوط بني آدم ، ويقوم من بين باب بيته إلى باب قبره صفان من الملائكة ، يستقبلونه بالاستغفار ، فيصيح عند ذلك إبليس صيحة تتصدع منها عظام جسده ". قال:"ويقول لجنوده:الويل لكم . كيف خلص هذا العبد منكم ، فيقولون إن هذا كان عبدا معصوما ".
قال:"فإذا صعد ملك الموت بروحه ، يستقبله جبريل في سبعين ألفا من الملائكة ، كل يأتيه ببشارة من ربه سوى بشارة صاحبه ". قال:"فإذا انتهى ملك الموت بروحه إلى العرش ، خر الروح ساجدا ". قال:"يقول الله - عز وجل - لملك الموت:انطلق بروح عبدي فضعه في سدر مخضود ، وطلح منضود ، وظل ممدود ، وماء مسكوب ".
قال:"فإذا وضع في قبره ، جاءته الصلاة فكانت عن يمينه ، وجاءه الصيام فكان عن يساره ، وجاءه القرآن فكان عند رأسه ، وجاءه مشيه إلى الصلاة فكان عند رجليه ، وجاءه الصبر فكان ناحية القبر ". قال:"فيبعث الله - عز وجل - عنقا من العذاب ". قال:"فيأتيه عن يمينه "قال:"فتقول الصلاة:وراءك والله ما زال دائبا عمره كله وإنما استراح الآن حين وضع في قبره ". قال:"فيأتيه عن يساره ، فيقول الصيام مثل ذلك ". قال:"ثم يأتيه من عند رأسه ، فيقول القرآن والذكر مثل ذلك ". قال:"ثم يأتيه من عند رجليه ، فيقول مشيه إلى الصلاة مثل ذلك . فلا يأتيه العذاب من ناحية يلتمس هل يجد مساغا إلا وجد ولي الله قد أخذ جنته ". قال:"فينقمع العذاب عند ذلك فيخرج ". قال:"ويقول الصبر لسائر الأعمال:أما إنه لم يمنعني أن أباشر أنا بنفسي إلا أني نظرت ما عندكم ، فإن عجزتم كنت أنا صاحبه ، فأما إذ أجزأتم عنه فأنا له ذخر عند الصراط والميزان ".
قال:"ويبعث الله ملكين أبصارهما كالبرق الخاطف ، وأصواتهما كالرعد القاصف ، وأنيابهما كالصياصي ، وأنفاسهما كاللهب ، يطآن في أشعارهما ، بين منكب كل واحد مسيرة كذا وكذا ، وقد نزعت منهما الرأفة والرحمة ، يقال لهما:منكر ونكير ، في يد كل واحد منهما مطرقة ، لو اجتمع عليها ربيعة ومضر لم يقلوها ". قال:"فيقولان له:اجلس ". قال:"فيجلس فيستوي جالسا ". قال:"وتقع أكفانه في حقويه ". قال:"فيقولان له:من ربك ؟ وما دينك ؟ ومن نبيك ؟ ".
قال:قالوا:يا رسول الله ، ومن يطيق الكلام عند ذلك ، وأنت تصف من الملكين ما تصف ؟ قال:فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء )
قال:"فيقول:ربي الله وحده لا شريك له ، وديني الإسلام الذي دانت به الملائكة ، ونبيي محمد خاتم النبيين ". قال:"فيقولان:صدقت ". قال:فيدفعان القبر ، فيوسعان من بين يديه أربعين ذراعا ، وعن يمينه أربعين ذراعا ، وعن شماله أربعين ذراعا ، ومن خلفه أربعين ذراعا ، ومن عند رأسه أربعين ذراعا ، ومن عند رجليه أربعين ذراعا ". قال:"فيوسعان له مائتي ذراع ".
قال البرساني:فأحسبه:وأربعين ذراعا تحاط به .
قال:"ثم يقولان له:انظر فوقك ، فإذا باب مفتوح إلى الجنة ". قال:"فيقولان له:ولي الله ، هذا منزلك إذ أطعت الله ". فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"والذي نفس محمد بيده إنه يصل إلى قلبه عند ذلك فرحة ، ولا ترتد أبدا ، ثم يقال له:انظر تحتك ". قال:"فينظر تحته فإذا باب مفتوح إلى النار قال:"فيقولان:ولي الله نجوت آخر ما عليك ". قال:فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"إنه ليصل إلى قلبه عند ذلك فرحة لا ترتد أبدا ". قال:فقالت عائشة:يفتح له سبعة وسبعون بابا إلى الجنة ، يأتيه ريحها وبردها ، حتى يبعثه الله - عز وجل - .
وبالإسناد المتقدم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"ويقول الله تعالى لملك الموت:انطلق إلى عدوي فأتني به ، فإني قد بسطت له رزقي ، ويسرت له نعمتي ، فأبى إلا معصيتي ، فأتني به لأنتقم منه ".
قال:"فينطلق إليه ملك الموت في أكره صورة ما رآها أحد من الناس قط ، له اثنتا عشرة عينا ، ومعه سفود من النار كثير الشوك ، ومعه خمسمائة من الملائكة ، معهم نحاس وجمر من جمر جهنم ، ومعهم سياط من نار ، لينها لين السياط وهي نار تأجج ". قال:"فيضربه ملك الموت بذلك السفود ضربة يغيب كل أصل شوكة من ذلك السفود في أصل كل شعرة وعرق وظفر ". قال:"ثم يلويه ليا شديدا ". قال:"فينزع روحه من أظفار قدميه ". قال:"فيلقيها "في عقبيه ثم يسكر عند ذلك عدو الله سكرة ، فيرفه ملك الموت عنه ". قال:"وتضرب الملائكة وجهه ودبره بتلك السياط ". [ قال:"فيشده ملك الموت شدة ، فينزع روحه من عقبيه ، فيلقيها في ركبتيه ، ثم يسكر عدو الله عند ذلك سكرة ، فيرفه ملك الموت عنه ". قال:"فتضرب الملائكة وجهه ودبره بتلك السياط "] قال:"ثم ينتره ملك الموت نترة ، فينزع روحه من ركبتيه فيلقيها في حقويه ". قال:"فيسكر عدو الله عند ذلك سكرة ، فيرفه ملك الموت عنه ". قال:"وتضرب الملائكة وجهه ودبره بتلك السياط ". قال:"كذلك إلى صدره ، ثم كذلك إلى حلقه ". قال:ثم تبسط الملائكة ذلك النحاس وجمر جهنم تحت ذقنه ". قال:"ويقول ملك الموت:اخرجي أيتها الروح اللعينة الملعونة إلى سموم وحميم ، وظل من يحموم ، لا بارد ولا كريم ".
قال:"فإذا قبض ملك الموت روحه قال الروح للجسد:جزاك الله عني شرا ، فقد كنت سريعا بي إلى معصية الله ، بطيئا بي عن طاعة الله ، فقد هلكت وأهلكت "قال:"ويقول الجسد للروح مثل ذلك ، وتلعنه بقاع الأرض التي كان يعصي الله عليها ، وتنطلق جنود إبليس إليه فيبشرونه بأنهم قد أوردوا عبدا من ولد آدم النار ".
قال:فإذا وضع في قبره ضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه ، حتى تدخل اليمنى في اليسرى ، واليسرى في اليمنى "قال:"ويبعث الله إليه أفاعي دهما كأعناق الإبل يأخذن بأرنبته وإبهامي قدميه فيقرضنه حتى يلتقين في وسطه ".
قال:"ويبعث الله ملكين أبصارهما كالبرق الخاطف ، وأصواتهما كالرعد القاصف ، وأنيابهما كالصياصي ، وأنفاسهما كاللهب يطآن في أشعارهما ، بين منكبي كل واحد منهما مسيرة كذا وكذا ، قد نزعت منهما الرأفة والرحمة يقال لهما:منكر ونكير ، في يد كل واحد منهما مطرقة ، لو اجتمع عليها ربيعة ومضر لم يقلوها "قال:"فيقولان له:اجلس ". قال:"فيستوي جالسا "قال:"وتقع أكفانه في حقويه "قال:"فيقولان له:من ربك ؟ وما دينك ؟ ومن نبيك ؟ فيقول:لا أدري . فيقولان:لا دريت ولا تليت ". [ قال] فيضربانه ضربة يتطاير شررها في قبره ، ثم يعودان ". قال:"فيقولان:انظر فوقك . فينظر ، فإذا باب مفتوح من الجنة ، فيقولان:هذا - عدو الله - منزلك لو أطعت الله ".
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"والذي نفسي بيده ، إنه ليصل إلى قلبه عند ذلك حسرة لا ترتد أبدا ".
قال:"ويقولان له:انظر تحتك فينظر تحته ، فإذا باب مفتوح إلى النار ، فيقولان:عدو الله ، هذا منزلك إذ عصيت الله ".
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"والذي نفسي بيده ، إنه ليصل إلى قلبه عند ذلك حسرة لا ترتد أبدا ".
قال:وقالت عائشة:ويفتح له سبعة وسبعون بابا إلى النار ، يأتيه [ من] حرها وسمومها حتى يبعثه الله إليها .
هذا حديث غريب جدا ، وسياق عجيب ، ويزيد الرقاشي - راويه عن أنس - له غرائب ومنكرات ، وهو ضعيف الرواية عند الأئمة ، والله أعلم .
ولهذا قال أبو داود:حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي ، حدثنا هشام - هو ابن يوسف - عن عبد الله بن بحير ، عن هانئ مولى عثمان ، عن عثمان - رضي الله عنه - قال:كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا فرغ من دفن الرجل وقف عليه فقال:"استغفروا لأخيكم ، واسألوا له بالتثبيت ، فإنه الآن يسأل "، انفرد به أبو داود .
وقد أورد الحافظ أبو بكر بن مردويه عند قوله تعالى:( ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم ) الآية [ الأنعام:93] حديثا مطولا جدا ، من طريق غريب ، عن الضحاك ، عن ابن عباس مرفوعا ، وفيه غرائب أيضا .