يقول تعالى ذكره:ألم تنظر يا محمد ( إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا ) يقول:غيروا ما أنعم الله به عليهم من نعمه ، فجعلوها كُفرا به، وكان تبديلهم نعمة الله كفرا في نبيّ الله محمد صلى الله عليه وسلم ، أنعم الله به على قريش ، فأخرجه منهم ، وابتعثه فيهم رسولا رحمة لهم ، ونعمة منه عليهم ، فكفروا به ، وكذّبوه ، فبدّلوا نعمة الله عليهم به كفرا. وقوله:( وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ ) يقول:وأنـزلوا قومهم من مُشركي قريش دار البوار ، وهي دار الهلاك ، يقال منه:بار الشيء يبور بورا:إذا هلك وبطل ؛ ومنه قول ابن الزِّبعرى ، وقد قيل إنه لأبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب:
يــا رَسُــولَ الملِيــكِ إِنَّ لِسـانِي
رَاتِــقٌ مــا فَتَقْـتُ إذْ أنـا بُـورُ (45)
-----------------------------
الهوامش:
(45) البيت ( في اللسان:بور ) منسوب إلى عبد الله بن الزبعري السهمي قال:رجل بور ، وكذلك الاثنان والجمع والمؤنث ، وأنشد البيت شاهدا عليه . وفي سيرة ابن هشام أنشد البيت ونسبه إلى ابن الزبعري ، قاله من أبيات حين قدم على النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان هاربا منه في نجران. والراتق الذي يصلح ما بلي أو تمزق من الثوب ، وفتقت يعني ما أحدث في الدين من مقاومة النبي وهجائه بشعره ، وهو إثم يشبه الفتق في الثوب ، والتوبة رتق له ، وبور هالك:يقال رجل بور وبائر ، وهو محل الشاهد عند المؤلف ، وقال أبو عبيدة في مجاز القرآن ، "دار البوار "أي الهلاك والفناء ، ويقال منه بار يبور ، ومنه قول عبد الله ابن الزبعرى البيت .