قوله تعالى : { بِدَمٍ كَذِبٍ } يعني مكذوب فيه ، قال ابن عباس ومجاهد ، قال : " لو كان أكله الذئب لخرقه فكانت علامة الكذب ظاهرة فيه وهو صحة القميص من غير تخريق " . وقال الشعبي : " كان في قميص يوسف ثلاث آيات : الدم والشقّ وإلقاؤه على وجه أبيه فارتدّ بصيراً " . وقال الحسن : " لما رأى القميص صحيحاً قال : با بنيّ والله ما عهدت الذئب حليماً " .
قوله تعالى : { قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً } يدل على أن يعقوب عليه السلام قطع بخيانتهم وظلمهم وأن يوسف لم يأكله الذئب لما استدلّ عليه من صحة القميص من غير تخريق ، وهذا يدل على أن الحكم بما يظهر من العلامة في مثله في التكذيب أو التصديق جائز ؛ لأنه عليه السلام قطع بأن الذئب لم يأكله بظهور علامة كذبهم .
قوله تعالى : { فَصَبْرٌ جَمِيلٌ } يقال : إنه صبرٌ لا شكوى فيه ؛ وفيه البيان عما تقتضيه المصيبة من الصبر الجميل والاستعانة بالله عندما يَعْرض من الأمور القطعية المجزية ، فحكى لنا حال نبيّه يعقوب عليه السلام عندما ابتُلي بفقد ولده العزيز عنده وحُسْنَ عزائه ورجوعه إلى الله تعالى والاستعانة به ، وهو مثل قوله تعالى : { الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة } [ البقرة : 156 و 157 ] الآية ، ليُقْتَدَى به عند نزول المصائب .