قوله تعالى : { إِنِّي نَذَرْتُ للرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ اليَوْمَ إِنْسِيّاً } ؛ فيه الدلالة على أن تَرْكَ الكلام واستعمال الصمت قد كان قُرْبَةً ، لولا ذلك لما نذرته مريم عليها السلام ولما فعلته بعد النذر . وقد رَوَى معمر عن قتادة في قوله : { إِنّي نَذَرْتُ للرَّحْمَنِ صَوْماً } قال : في بعض الحروف : " صمتاً " ، ويدل على أن مرادها الصمت . قولها : { فَلَنْ أُكَلِّمَ اليَوْمَ إِنْسِيّاً } وهذا منسوخٌ بما رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم : " أنه نَهَى عن صمت يوم إلى الليل " . وقال السدي : كان من صام في ذلك الزمان لا يكلم الناس فأذن لها في هذا المقدار من الكلام ، وقد كان الله تعالى حبس زكريا عن الكلام ثلاثاً وجعل ذلك آية له على الوقت الذي يخلق له فيه الولد ، فكان ممنوعاً من الكلام من غير آفة ولا خرس .