قوله تعالى : { لَوْلا جَاؤُوا عَلَيْهِ بأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فإِذْ لَمْ يَأْتُوا بالشُّهَدَاءِ فأُولئِكَ عِنْدَ الله هُمُ الكَاذِبُونَ } . قد أبانت هذه الآية عن معنيين ، أحدهما : أن الحد واجب على القاذف ما لم يأت بأربعة شهداء ، والثاني : أنه لا يُقبل في إثبات الزنا أقَلُّ من أربعة شهداء . وقوله : { فإِذْ لَمْ يَأْتُوا بالشُّهَدَاءِ فأُولَئِكَ عِنْدَ الله هُمُ الكَاذِبُونَ } ، قال أبو بكر : قد حوى ذلك معنيين ، أحدهما : أنهم متى لم يقيموا أربعة من الشهداء فهم محكومون بكذبهم عند الله في إيجاب الحدّ عليهم ، فيكون معناه : فأولئك في حكم الله هم الكاذبون ؛ فيقتضي ذلك الأمر بالحكم بكذبهم ، فإن كان جائزاً أن يكونوا صادقين في المُغَيَّبِ عند الله ، وذلك جائز سائغ ، كما قد تعبدنا بأن نحكم لمن ظهر منه عمل الخيرات وتجنب السيئات بالعدالة وإن كان جائزاً أن يكون فاسقاً في المغيَّبِ عند الله تعالى . والوجه الثاني : أن الآية نزلت في شأن عائشة رضي الله تعالى عنها وفي قَذَفَتِها ، فأخبر بقوله : { فَأُولئِكَ عِنْدَ الله هُمُ الكَاذِبُونَ } بمغيَّبِ خبرهم وأنه كَذِبٌ في الحقيقة لم يرجعوا فيه إلى صحة ، فمن جَوَّزَ صدق هؤلاء فهو رادٌّ لخبر الله .