قوله تعالى : { قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ المُلْكِ تُؤْتي المُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ المُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ } قيل في قوله تعالى : { مَالِكَ المُلْكِ } إنه صفة لا يستحقّها إلا الله تعالى من أنه مالك كل ملك ، وقيل مالك أمر الدنيا والآخرة ، وقيل مالك العباد وما ملكوا ، وقال مجاهد : أراد بالملك ههنا النبوة . وقوله : { تُؤْتي المُلْكَ مَنْ تَشَاءُ } يحتمل وجهين : أحدهما مُلْك الأموال والعبيد ، وذلك مما يجوز أن يؤتيه الله تعالى للمسلم والكافر . والآخر : أمر التدبير وسياسة الأمّة ، فهذا مخصوص به المسلم العدل دون الكافر ودون الفاسق ، وسياسةُ الأمّة وتدبيرُها متعلقةٌ بأوامر الله تعالى ونواهيه ، وذلك لا يؤتمن الكافر عليه ولا الفاسق ، ولا يجوز أن تُجعل إلى من هذه صفته سياسة المؤمنين لقوله تعالى : { لا ينال عهدي الظالمين } [ البقرة : 124 ] .
فإن قيل : قال الله تعالى : { ألم تر إلى الذي حاجّ إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك } [ البقرة : 258 ] فأخبر أنه آتى الكافر الملك . قيل له : يحتمل أن يريد به المال إن كان المراد إيتاءَ الكافر الملك ؛ وقد قيل إنه أراد به : آتى إبراهيم الملك ، يعني النبوة وجواز الأمر والنهي في طريق الحكمة .