قوله تعالى : { يا مَرْيَمُ اقْنُتي لِرَبِّكِ واسْجُدِي وارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ } ، قال سعيد : " أخلصي لربك " . وقال قتادة : " أديمي الطاعة " . وقال مجاهد :
" أطيلي القيام في الصلاة " . وأصل القنوت الدوامُ على الشيء ؛ وأشبه هذه الوجوه بالحال الأمْرُ بإطالة القيام في الصلاة . ورُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " أَفْضَلُ الصّلاةِ طُولُ القُنُوتِ " يعني طول القيام . ويدلُّ عليه قوله عطفاً على ذلك : { واسْجُدِي وارْكَعِي } فأمرت بالقيام والركوع والسجود وهي أركان الصلاة ، ولذلك لم يكن هذا موضع سجدة عند سائر أهل العلم كسائر مواضع السجود لأَجْلِ ذكر السجود فيها ؛ لأنه قد ذكر مع السجود القيام والركوع ، فكان أمراً بالصلاة ؛ وفي هذا دلالة على أن " الواو " لا توجب الترتيب ؛ لأن الركوع مقدَّم على السجود في المعنى ، وقدَّم السجود ههنا في اللفظ .