قوله تعالى : { وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ } إلى قوله : { وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ لا تُشْرِكَ بي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فلا تُطِعْهُمَا وصَاحِبْهُمَا في الدُّنْيَا مَعْرُوفاً } ، أبان تعالى بذلك أن أمْرَه بالإحسان إلى الوالدين عامّ في الوالدين المسلمين والكفار ، لقوله تعالى : { وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ } ، وأكّده بقوله : { وَصَاحِبْهُمَا في الدُّنْيَا مَعْرُوفاً } ؛ وفي ذلك دليل على أنه لا يستحق القَوَدَ على أبيه وأنه لا يُحَدُّ له إذا قذفه ولا يُحبس له بدَيْنٍ عليه وأن عليه نفقتهما إذا احتاجا إليه ، إذْ كان جميع ذلك من الصحبة بالمعروف ، وفِعْلُ ضدّه ينافي مصاحبتهما بالمعروف ؛ ولذلك قال أصحابنا : إن الأبَ لا يحبس بدَيْنِ ابنه ، ورُوي عن أبي يوسف أنه يحبسه إذا كان متمرداً .
قوله تعالى : { حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ } ؛ قال الضحاك : " ضعفاً على ضعف " يعني ضعف الولد على ضعف الأم .
وقيل : بل المعنى فيه شدة الجهد { وَفِصَالُهُ في عَامَيْنِ } يعني في انقضاء عامين ، وفي آية أخرى : { وحمله وفصاله ثلاثون شهراً } [ الأحقاف : 15 ] ؛ فحصل بمجموع الآيتين أن أقل مدة الحمل ستة أشهر ، وبه استدلَّ ابن عباس على مدة أقل الحمل واتفق أهل العلم عليه .