قوله تعالى : { ولا تُصَعِّرْ خَدَّكَ للنَّاسِ } ؛ قال ابن عباس ومجاهد : " معناه لا تُعْرِضْ بوجهك عن الناس تكبيراً " . وقال إبراهيم : " هو التشدق " ؛ ومعناه يرجع إلى الأول لأن المتشادق في الكلام متكبّر .
وقيل : إن أصل الصَّعَرِ داءٌ يأخذ الإبل في أعناقها ورؤوسها حتى يلوي وجوهها وأعناقها فيشبَّه بها الرجل الذي يلوي عنقه عن الناس ؛ قال الشاعر :
* وكُنَّا إِذَا الجَبَّارُ صَعَّرَ خَدَّهُ * أَقَمْنَا له مِنْ مَيْلِهِ فَتَقَوَّمَا *
وقوله تعالى : { وَلا تَمْشِ في الأَرْضِ مَرَحاً } ؛ المرح البَطَرُ وإعجاب المرء بنفسه وازدراء الناس والاستهانة بهم ، فنهى الله عنه إذْ لا يفعل ذلك إلا جاهل بنفسه وأحواله وابتداء أمره ومنتهاه ؛ قال الحسن : أنَّى لابن آدم الكبر وقد خرج من سبيل البول مَرَّتين .
وقوله تعالى : { إِنَّ الله لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ } ، قال مجاهد : هو المتكبر والفخور الذي يفتخر بنعم الله تعالى على الناس استصغاراً لهم ، وذلك مذموم لأنه إنما يستحقّ عليه الشكر لله على نِعَمِهِ لا التوصل بها إلى معاصيه .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم حين ذَكَرَ نِعَمَ الله أنّهُ " سَيِّدٌ وَلَدِ آدَمَ ولا فَخْرَ " ، فأخبر أنه إنما ذكرها شكراً لا افتخاراً ، على نحو قوله تعالى : { وأما بنعمة ربك فحدث } [ الضحى : 11 ] .