قوله تعالى : { لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ ولا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ } . روى ليث عن مجاهد قال : " يعني من بعد ما سمي لك من مسلمة ولا يهودية ولا نصرانية ولا كافرة " . وعن مجاهد أيضاً في قوله : { إِلاَّ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ }قال : " لا بأس أن تتسرَّى اليهودية والنصرانية " . وروى سعيد عن قتادة : { لا يَحِلُّ لَكَ النّسَاءُ مِنْ بَعْدُ ولا أنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ } قال : " لما خَيَّرَهُنَّ فاخترن الله ورسوله قَصَرَهُ عليهن ، وهن التسع اللاتي اخترن الله ورسوله والدار الآخرة " ؛ وهو قول الحسن . ورُوي غير ذلك ، وهو ما روى إسرائيل عن السدي عن عبدالله بن شداد : { لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ ولا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ } قال : " ذلك لو طلقهن لم يحلّ له أن يستبدل " قال : " وكان ينكح ما شاء بعدما نزلت هذه الآية " .
قال : " فنزلت هذه الآية وعنده تسع نسوة ، ثم تزوج أم حبيبة بنت أبي سفيان وجويرية بنت الحارث " .
قال أبو بكر : ظاهر الآية يفيد تحريم سائر النساء على النبي صلى الله عليه وسلم سوى مَنْ كُنَّ تحته وقت نزولها ؛ وقد رَوَى ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير عن عائشة قالت : " ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى حلّ له النساء " . قال أبو بكر : وهذا يوجب أن تكون الآية منسوخة ، وليس في القرآن ما يوجب نسخها ، فهي إذاً منسوخة بالسنة ؛ ويُحتجُّ به في جواز نسخ القرآن بالسنة .
فإن قيل : قوله : { لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ } خبرٌ والخبرُ لا يجوز النسخ في مخبره . قيل له : إنه وإن كان في صورة الخبر فهو نهي يجوز ورود النسخ عليه ، وهو بمنزلة ما لو قال : لا تتزوج بعدهن النساء ، فيجوز نسخه .
قوله تعالى : { ولَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ } يدل على جواز النظر إلى وجه المرأة الأجنبية ؛ إذ لا يعجبه حسنها إلا وقد نظر إليها .