قوله تعالى : { وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ } فقال قائلون : " المراد به كلُّ مبطل ؛ لأنه يتبع شهوة نفسه فيما وافق الحق أو خالفه ولا يتبع الحق في مخالفة الشهوة " . وقال مجاهد : " أراد به الزنا " . وقال السدي : " اليهود والنصارى " .
وقوله : { أنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً } يعني به العدول عن الاستقامة بالاستكثار من المعصية ؛ وتكون إرادتهم للميل على أحد وجهين : إما لعداوتهم ، أو للأنس بهم والسكون إليهم في الإقامة على المعصية ؛ فأخبر الله تعالى أن إرادته لنا خلاف إرادة هؤلاء . وقد دلّت الآية على أن القَصْدَ في اتّباع الشهوة مذمومٌ ، إلا أن يوافق الحق فيكون حينئذ غير مذموم في اتباع شهوته ، إذ كان قصده اتباع الحق . ولكن من كان هذا سبيله لا يُطلق عليه أنه متبع لشهوته ؛ لأن مقصده فيه اتباع الحق وافق شهوته أو خالفها .