قوله تعالى : { أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ في حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا } . رَوَى الزهري عن ابن عباس قال : قال عمر : فقلت يا رسول الله ادْعُ الله أن يوسّع على أمتك فقد وسّع على فارس والروم وهم لا يعبدون الله ! فاستوى جالساً وقال : " في شَكٍّ أَنْتَ يا ابْنَ الخَطَّاب ؟ أولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلَتْ لهم طَيِّبَاتُهُمْ في الحَيَاةِ الدُّنْيَا " .
وحدثنا عبدالله بن محمد قال : حدثنا الجرجاني قال : أخبرنا عبدالرزاق عن معمر في قوله : { أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ في حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا } قال : إن عمر بن الخطاب قال : " لو شئتُ أن أُذهب طيباتي في حياتي لأمَرْتُ بجَدْي سمين يُطبخ باللبن " .
وقال معمر : قال قتادة : قال عمر : " لو شئتُ أن أكون أطيبكم طعاماً وألْينكم ثياباً لفعلت ، ولكنّي أستبقي طيباتي " .
وعن عبد الرّحمن بن أبي ليلى قال : قدم على عمر بن الخطاب ناسٌ من أهل العراق ، فقرَّب إليهم طعامه ، فرآهم كأنهم يتعذرون في الأكل ، فقال : " يا أهل العراق لو شئتُ أن يُدَهْمَق لي كما يُدَهْمَقُ لكم لفعلت ، ولكن نستبقي من دنيانا لآخرتنا ، أما سمعتم الله يقول : { أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ في حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا } .
قال أبو بكر : هذا محمول على أنه رأى ذلك أفضل لا على أنه لا يجوز غيره ؛ لأن الله قد أباح ذلك ، فلا يكون آكله فاعلاً محظوراً ، قال الله تعالى : { قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق } [ الأعراف : 32 ] .