قوله تعالى : { وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْهَا } ، رُوي عن جابر بن عبدالله والحسن قالا : " رأوا عِيرَ طعام قدمت المدينة وقد أصابتهم مجاعة " ، وقال جابر : " اللهو المزامير " ، وقال مجاهد : " الطبل " ؛ { قُلْ مَا عِنْدَ الله } " من الثواب على سماع الخطبة وحضور الموعظة " { خَيْرٌ مِنَ اللَّهوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ } .
قوله تعالى : { وَتَرَكُوكَ قَائِماً } يدل على أن الخطبة قائماً ؛ رَوَى الأعمش عن إبراهيم أن رجلاً سأل علقمة أكان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب قائماً أو قاعداً ؟ فقال : ألست تقرأ القرآن { وتَرَكُوكَ قَائِماً } ؟ وروى حصين عن سالم عن جابر قال : " قدمت عِيرٌ من الشام يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب ، فانصرف الناس ينظرون وبقي رسول الله صلى الله عليه وسلم في اثني عشر رجلاً فنزلت هذه الآية : { وَتَرَكُوكَ قَائِماً } ورَوَى جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر : " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب ، فجاءت عِيرٌ فخرج الناس إليها حتى بقي اثنا عشر رجلاً فنزلت الآية " .
قال أبو بكر : اختلف ابن فضيل وابن إدريس في الحديث الأول عن حصين ، فذكر ابن فضيل أنه قال : " كنا نصلّي مع النبي صلى الله عليه وسلم " وذكر ابن إدريس أنه قال : " كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب " ، ويحتمل أن يريد بقوله : " نصلّي " أنهم قد حضروا للصلاة منتظرين لها لأن من ينتظر الصلاة فهو في الصلاة .
وحدثنا عبدالله بن محمد قال : حدثنا الحسن قال : حدثنا عبدالرزاق قال : أخبرنا معمر عن الحسن في قوله تعالى : { انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِماً } قال : إن أهل المدينة أصابهم جوعٌ وغلاءُ سِعْرٍ ، فقدمت عِيرٌ والنبيّ صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة ، فسمعوا بها فخرجوا إليها والنبي صلى الله عليه وسلم قائم كما هو ، قال الله تعالى : { وَتَرَكُوكَ قَائِماً } قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لو اتَّبَعَ آخِرُهُمْ أَوَّلَهُمْ لالْتَهَبَ الوادي عَلَيْهِمْ نَاراً " .