قوله تعالى : { السَّائِحُونَ } قيل إنهم الصائمون ؛ رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " سِيَاحَةُ أُمَّتي الصَّوْمُ " . ورُوي عن عبدالله بن مسعود وابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد أنه الصوم .
وقوله تعالى : { وَالحَافِظُونَ لِحُدُودِ الله } هو أتم ما يكون من المبالغة في الوصف بطاعة الله والقيام بأوامره والانتهاء عن زواجره ، وذلك لأن الله تعالى حدوداً في أوامره وزواجره وما نَدَبَ إليه ورغّب فيه أو أباحه وما خيّر فيه وما هو الأوْلى في تحرّي موافقة أمر الله ، وكل هذه حدود الله ، فوصف تعالى هؤلاء القوم بهذا الوصف ، من كان كذلك فقد أدَّى جميع فرائضه وقام بسائر ما أراده منه . وقد بين في الآية التي قبلها المرادين بها ، وهم الصحابة الذين بايعوه تحت الشجرة وهي بيعة الرضوان ، بقوله تعالى : { فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ } ، ثم عطف عليه : { التَّائِبُونَ } فقد بينت هذه الآية منزلة هؤلاء رضي الله عنهم من الدين والإسلام ومحلّهم عند الله تعالى . ولا يجوز أن يكون في وصف العبيد بالقيام بطاعة الله كلامٌ أبلغ ولا أفخم من قوله تعالى : { وَالحَافِظُونَ لحُدُودِ الله } .