قوله تعالى : { انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وجَاهِدُوا بأَمْوَالِكُمْ } الآية . رُوي عن الحسن ومجاهد والضحاك : " شُبّاناً وشيوخاً " . وعن أبي صالح : " أغنياء وفقراء " . وعن الحسن : " مشاغيل وغير مشاغيل " . وعن ابن عباس وقتادة : " نُشَّاطاً وغير نُشّاط " . وعن ابن عمر : " ركباناً ومشاة " . وقيل : " ذا صنعة وغير ذي صنعة " . قال أبو بكر : كل هذه الوجوه يحتمله اللفظ ، فالواجب أن يعمّها ، إذ لم تقم دلالة التخصيص .
وقوله : { وَجَاهِدُوا بأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ في سَبِيلِ الله } فأوجب فرض الجهاد بالمال والنفس جميعاً ، فمن كان له مال وهو مريض أو مقعد أو ضعيف لا يصلح للقتال فعليه الجهاد بماله بأن يعطيه غيره فيغزو به ، كما أن له قوة وجَلَدٌ وأمكنه الجهاد بنفسه كان عليه الجهاد بنفسه وإن لم يكن ذا مال ويسار بعد أن يجد ما يبلغه ، ومن قَوِيَ على القتال وله مال فعليه الجهاد بالنفس والمال ، ومن كان عاجزاً بنفسه مُعْدَماً فعليه الجهاد بالنصح لله ولرسوله بقوله : { لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى المَرْضَى وَلا عَلَى الّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لله وَرَسُولِهِ } .
وقوله تعالى : { ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ } ، مع أنه لا خير في ترك الجهاد قيل فيه وجهان ، أحدهما : خير من تركه إلى المباح في الحال التي لا يتعين عليه فرض الجهاد ، والآخر : أن الخير فيه لا في تركه .
وقوله : { إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ } ، قيل فيه : إن كنتم تعلمون الخير في الجملة فاعلموا أن هذا خير ، وقيل : إن كنتم تعلمون صدق الله فيما وعد به من ثوابه وجنته .