قوله تعالى : { وَيَحْلِفُونَ بالله إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ } . الحَلِف تأكيد الخبر بذكر المعظَّم على منهاج الله وبالله والحروف الموضوعة للقسم ، وكذلك القسم واليمين ، إلا أن الحَلْفَ من إضافة الخبر إلى المعظَّم ؛ وقوله : { وَيَحْلِفُونَ بالله } إخبارٌ عنهم باليمين بالله ، وجائز أن يكون أراد الخبر عن المستقبل في أنهم سيحلفون بالله . وقول القائل : أحلف بالله ، هو يمين بمنزلته لو حذف ذكر الحلف وقال بالله ؛ لأنه بمنزلة قوله : " أنا حالف بالله " إلا أن يريد به العدة فلا يكون يميناً ، فهو ينصرف على المعنى ، والظاهر منه إيقاع الحلف بهذا القول كقولك " أنا أعتقد الإسلام " ويحتمل العدة . وأما قوله : " بالله " فهو إيقاعٌ لليمين وإن كان فيه إضمار " أحْلِفُ بالله " أو " قد حلفتُ بالله " . وقيل : إنما حذف ذكر الحلف ليدل على وقوع الحلف ويزول احتمال العدة كما حذف في " والله لأفعلنّ " ليدل أن القائل حالف لا واعِدٌ .
وقوله تعالى : { إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ } معناه في الإيمان والطاعة والدين والملة ، فأكذبهم الله تعالى . والإضافة منهم جائزة إذا كان على دينهم كما قال : { وَالمُؤْمِنُونَ وَالمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ } و { المُنَافِقُونَ وَالمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ } ، فنسب بعضهم إلى بعض لاتفاقهم في الدين والملة .