قوله تعالى : { الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقاً وأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ الله عَلَى رَسُولِهِ } . أطلق هذا الخبر عن الأعراب ومراده الأعمّ الأكثر منهم ، وهم الذين كانوا يواطنون المنافقين على الكفر والنِّفاق ، وأخبر أنهم أجْدَرُ أن لا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله ؛ وذلك لقلة سماعهم للقرآن ومجالستهم للنبي صلى الله عليه وسلم ، فهم أجهل من المنافقين الذين كانوا بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم لأنهم قد كانوا يسمعون القرآن والأحكام ، فكان الأعراب أجْهَلَ بحدود الشرائع من أولئك ، وكذلك هم الآن في الجهل بالأحكم والسنن وفي سائر الأعصار وإن كانوا مسلمين ؛ لأن من بَعُدَ من الأمصار ونَاءَ عن حضرة العلماء كان أجهل بالأحكام والسنن ممن جالسهم وسمع منهم ؛ ولذلك كره أصحابنا إمامة الأعرابيّ في الصلاة . ويدل على أن إطلاق اسم الكفر والنفاق على الأعراب خاصٌّ في بعضهم دون بعض قوله تعالى في نسق التلاوة : { وَمِنَ الأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بالله وَاليَوْمِ الآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ الله وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ } الآية ؛ قال ابن عباس والحسن : " صلوات الرسول استغفار لهم " . وقال قتادة : " دعاؤه لهم بالخير والبركة " .