قوله تعالى : { وأَذِّنَ في النّاسِ بالحَجِّ } ، الآية :[ 27 ] :
ظاهره أنه خطاب لإبراهيم ، لأنه مسوق على مخاطبته ، بقوله تعالى : { وإذْ بَوَّأْنَا لإبْرَاهِيمَ مَكَانَ البَيْتِ } ، الآية :[ 26 ] .
وروي عن ابن عباس في ذلك ، أن إبراهيم عند هذا الأمر نادى :
يا أيها الناس إن ربكم قد اتخذ بيتاً ، وقد أمركم أن تحجوه ، فلم يبق إنس ولا جن إلا قالوا : لبيك اللهم لبيك{[1536]} ، وعن علي نضر الله وجهه مثل ذلك .
وعلى هذا يقولون إن رسول الله كان قد حج قبل الهجرة مرتين ، فسقط الفرض عنه بذلك ، وهذا بعيد ، فإنه إذا ورد في شرعه : { وللهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ البَيْتِ{[1537]} } ، فلا بد من وجوب عليه ، بحكم الخطاب في شرعه .
ولئن قيل : إنما خاطب من لم يحج ، كان تحكماً وتخصيصاً بلا دليل ، ويلزم عليه أن لا يجب بهذا الخطاب على من يحج على دين إبراهيم ، وهذا في غاية البعد .
وقد أبان الله تعالى أنهم يأتون ركباناً ومشاة لا لنفس السفر ، بل ليشهدوا منافع الدين والدنيا أيضاً من التجارة وغيرها . والمقصود أن الأتعاب لغرض جائز .