قوله تعالى : { إنّمَا المُشرِكُونَ نَجَسٌ } ، الآية :[ 28 ] :
صار بعض الناس إلى الحكم بنجاستهم حقيقة حتى نجسوا بملاقاتهم .
وقال آخرون : لم يرد تعالى نجاستهم حقيقة ، وإنما أراد به جعله فاتحة لمنع قربهم من المسجد ، كما تمنع من ذلك النجاسات ، فمعناه : إنما المشركون كالشيء النجس ، وتعليق منعهم أن يقربوا المسجد الحرام بكونهم أنجاساً ، يقتضي أن يكون المراد به التشبيه لا التحقيق ، والنجاسة من حقها صحة إزالتها بالماء وذلك لا يتأتى في الشرك .
وقال الشافعي : يدخل كل مسجد إلا المسجد الحرام خاصة ، ويجوز للذمي دخول سائر المساجد عند أبي حنيفة من غير حاجة ، والشافعي يعتبر الحاجة ، ومع الحاجة لا يجوز دخول المسجد الحرام .
فأما الآية فظاهرها ألا يقربوا المسجد الحرام ، إلا أن قوله تعالى : { فَلاَ يَقربُوا المَسجِدَ الحَرَامَ بَعدَ عَامِهِمْ هَذَا{[1398]} } ، يدل على أن المراد به الحج ، والتقييد بالعام يدل على أن المراد به الحج الذي لا يتأتى إلا في العام ،
ويدل عليه أيضاَ قوله تعالى : { وإنْ خِفتُم عَيلَةً فَسَوَفَ يُغنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ إنْ شَاءَ{[1399]} } .