الآية الرابعة : قَوْله تَعَالَى : { وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ } .
فِيهَا تِسْعُ مَسَائِلَ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : قَدْ بَيَّنَّا فِي الرِّسَالَةِ الْمُلْجِئَةِ إعْرَابَ الْآيَةِ ، وَقَدْ قَالَ الطَّبَرِيُّ : إنَّهُ عَمِلَ فِي " سَلَامٍ " الْأَوَّلِ الْقَوْلُ ، كَأَنَّهُ قَالَ : قَالُوا قَوْلًا وَسَلَّمُوا سَلَامًا . وَقَالَ الزَّجَّاجُ : مَعْنَاهُ سلمناسَلَامًا . قَالَ شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَغْرِبِيُّ : إنَّ نَصْبَهُ عَلَى الْمَصْدَرِ أَظْهَرُ وُجُوهِهِ ؛ لِأَنَّهُ إنْ عَمِلَ فِيهِ الْقَوْلُ كَانَ عَلَى مَعْنَى السَّلَامِ ، وَلَمْ يَكُنْ عَمَلُ لَفْظِهِ ، كَأَنَّهُ أَخْبَرَ أَنَّهُ عَلَى الْمَعْنَى ، كَمَا تَقُولُ : قُلْت حَقًّا ، وَلَمْ يَنْطِقْ بِالْحَاءِ وَالْقَافِ ، وَإِنَّمَا قُلْت قَوْلًا مَعْنَاهُ حَقٌّ ، وَهُمْ إنَّمَا تَكَلَّمُوا بِسَلَامٍ ، وَلِذَا أَجَابَهُمْ بِالسَّلَامِ ، وَعَلَى هَذَا جَرَى قِرَاءَةُ مَنْ قَرَأَ . قَالَ : فَإِنَّهُ يَقُولُ أَمْرِي سَلَامٌ ، أَجَابَهُمْ عَلَى الْمَعْنَى .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَالَ عُلَمَاؤُنَا قَوْلُهُ : { قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ } . يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَحِيَّةَ الْمَلَائِكَةِ هِيَ تَحِيَّةُ بَنِي آدَمَ .
قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ : الصَّحِيحُ أَنَّ " سَلَامًا " هَاهُنَا مَعْنَى كَلَامِهِمْ لَا لَفْظُهُ ، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي قَوْلِهِ : { وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا } ، وَلَوْ كَانَ لَفْظُ كَلَامِهِمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ فَإِنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ ذِكْرَ اللَّفْظِ ، وَإِنَّمَا قَصَدَ ذِكْرَ الْمَعْنَى الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ لَفْظُ سَلَامٍ . أَلَا تَرَى أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَمَّا أَرَادَ ذِكْرَ اللَّفْظِ قَالَ بِعَيْنِهِ ، فَقَالَ مُخْبِرًا عَنْ الْمَلَائِكَةِ : { سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ } . { سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ } ، وَأَبْدَعُ مِنْهُ فِي الدَّلَالَةِ أَنَّهُ قَالَ : { وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الْآخِرِينَ سَلَامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ } . وَقَالَ أَيْضًا : { وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ سَلَامٌ عَلَى إلْ يَاسِينَ } .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : قَالَ عُلَمَاؤُنَا : قَوْلُهُ : { قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ } يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السَّلَامَ يُرَدُّ بِمِثْلِهِ ، كَمَا رَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْقَارِي قَالَ : كُنْت مَعَ ابْنِ عُمَرَ فَيُسَلَّمُ عَلَيْهِ فَيَقُولُ : السَّلَامُ عَلَيْكُمْ ، وَيُرَدُّ كَمَا يُقَالُ .
قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ : هَذَا عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ هَاهُنَا سَلَامٌ بِلَفْظِهِ أَوْ بِمَعْنَاهُ ، كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ .
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ : قَوْله تَعَالَى : { فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ } . قَدَّمَهُ إلَيْهِمْ نُزُلًا وَضِيَافَةً ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ ضَيَّفَ الضَّيْفَ حَسْبَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ .
وَفِي الإسرائليات أَنَّهُ كَانَ لَا يَأْكُلُ وَحْدَهُ ، فَإِذَا حَضَرَ طَعَامُهُ أَرْسَلَ يَطْلُبُ مَنْ يَأْكُلُ مَعَهُ ؛ فَلَقِيَ يَوْمًا رَجُلًا فَلَمَّا جَلَسَ مَعَهُ عَلَى الطَّعَامِ قَالَ لَهُ إبْرَاهِيمُ : سَمِّ اللَّهَ . قَالَ لَهُ الرَّجُلُ : لَا أَدْرِي مَا اللَّهُ ؛ قَالَ لَهُ : فَاخْرُجْ عَنْ طَعَامِي . فَلَمَّا خَرَجَ الرَّجُلُ نَزَلَ إلَيْهِ جِبْرِيلُ فَقَالَ لَهُ : يَقُولُ اللَّهُ : إنَّهُ يَرْزُقُهُ عَلَى كُفْرِهِ مَدَى عُمُرِهِ ، وَأَنْتَ بَخِلْت عَلَيْهِ بِلُقْمَةٍ ، فَخَرَجَ إبْرَاهِيمُ مُسْرِعًا فَرَدَّهُ ، فَقَالَ : ارْجِعْ قَالَ : لَا أَرْجِعُ ؛ تُخْرِجُنِي ثُمَّ تَرُدُّنِي لِغَيْرِ مَعْنًى ، فَأَخْبَرَهُ بِالْأَمْرِ ، فَقَالَ : هَذَا رَبٌّ كَرِيمٌ . آمَنْت . وَدَخَلَ وَسَمَّى اللَّهَ ، وَأَكَلَ مُؤْمِنًا .
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ : ذَهَبَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ إلَى أَنَّ الضِّيَافَةَ وَاجِبَةٌ ؛ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ ، جَائِزَتُهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ صَدَقَةٌ ) . وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ قَالَ :( ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَثْوِيَ عِنْدَهُ حَتَّى يُحْرِجَهُ ) . وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ خَرَّجَهُ الْأَئِمَّةُ وَلَفْظُهُ لِلتِّرْمِذِيِّ .
وَذَهَبَ عُلَمَاءُ الْفِقْهِ إلَى أَنَّ الضِّيَافَةَ لَا تَجِبُ ؛ إنَّمَا هِيَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَحُسْنِ الْمُعَامَلَةِ بَيْنَ الْخَلْقِ ، وَتَأَوَّلُوا هَذَا الْحَدِيثَ بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ : فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ ؛ وَالْكَرَامَةُ مِنْ خَصَائِصِ النَّدْبِ دُونَ الْوُجُوبِ .
وَقَدْ قَالَ قَوْمٌ : إنَّ هَذَا كَانَ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ ، ثُمَّ نُسِخَ ، وَهَذَا ضَعِيفٌ ؛ فَإِنَّ الْوُجُوبَ لَمْ يَثْبُتْ وَالنَّاسِخَ لَمْ يَرِدْ .
أَمَّا إنَّهُ قَدْ رَوَى الْأَئِمَّةُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ : نَزَلْنَا بِحَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ فَاسْتَضَفْنَاهُمْ ، فَأَبَوْا ، فَلُدِغَ سَيِّدُ ذَلِكَ الْحَيِّ فَسَعَوْا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ فَلَمْ يَنْفَعْهُ . فَقَالَ بَعْضُهُمْ : لَوْ أَتَيْتُمْ هَؤُلَاءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ نَزَلُوا ، لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُمْ شَيْءٌ ، فَقَالُوا : يَا أَيُّهَا الرَّهْطُ ؛ إنَّ سَيِّدَنَا لُدِغَ ، وَقَدْ سَعَيْنَا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ فَلَمْ يَنْفَعْهُ ، فَهَلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ شَيْءٌ ؟ قَالَ بَعْضُهُمْ : إنِّي وَاَللَّهِ أَرْقِي ، وَلَكِنْ وَاَللَّهِ لَقَدْ اسْتَضَفْنَاكُمْ فَلَمْ تُضَيِّفُونَا ، فَمَا أَنَا بِرَاقٍ حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعَلًا . فَصَالَحُوهُمْ عَلَى قَطِيعٍ مِنْ الْغَنَمِ ، فَانْطَلَقَ يَتْفُلُ عَلَيْهِ ، وَيَقْرَأُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، فَكَأَنَّمَا أُنْشِطُ مِنْ عِقَالٍ ، فَانْطَلَقَ يَمْشِي وَمَا بِهِ قَلَبَةٌ . قَالَ : فَأَوْفَوْهُمْ جُعْلَهُمْ الَّذِي صَالَحُوهُمْ عَلَيْهِ . فَقَالَ بَعْضُهُمْ : اقْسِمُوا ، وَقَالَ الَّذِي رَقَى : لَا تَفْعَلُوا ، حَتَّى نَأْتِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَذْكُرَ لَهُ الَّذِي كَانَ ، فَنَنْظُرَ الَّذِي يَأْمُرُ بِهِ . فَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرُوا لَهُ ذَلِكَ ، فَقَالَ : وَمَا يُدْرِيك أَنَّهَا رُقْيَةٌ ثُمَّ قَالَ : اقْسِمُوا وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ سَهْمًا . فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
فَقَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ : فَاسْتَضَفْنَاهُمْ فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُونَا ، ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الضِّيَافَةَ لَوْ كَانَتْ حَقًّا لَلَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَوْمَ الَّذِينَ أَبَوْا وَبَيَّنَ ذَلِكَ لَهُمْ ، وَلَكِنَّ الضِّيَافَةَ حَقِيقَةً فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ ، وَمِنْ النَّاسِ مَنْ قَالَ : إنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي الْقُرَى حَيْثُ لَا طَعَامَ وَلَا مَأْوَى ، بِخِلَافِ الْحَوَاضِرِ ، فَإِنَّهَا مَشْحُونَةٌ بِالْمَأْوِيَّاتِ وَالْأَقْوَاتِ ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الضَّيْفَ كَرِيمٌ ، وَالضِّيَافَةَ كَرَامَةٌ ، فَإِنْ كَانَ عَدِيمًا فَهِيَ فَرِيضَةٌ .
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ : قَوْله تَعَالَى : { فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ }
قَالَ كُبَرَاءُ النَّحْوِيِّينَ : فَمَا لَبِثَ حَتَّى جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ ، وَأَعْجَبُ لَهُمْ كَيْفَ اسْتَجَازُوا ذَلِكَ مَعَ سِعَةِ مَعْرِفَتِهِمْ . وَقَالَ غَيْرُهُمْ مَا قَدْ اسْتَوْفَيْنَا ذِكْرَهُ فِي الْمُلْجِئَةِ ، وَحَقَّقْنَا أَنَّ مَوْضِعَ " أَنْ جَاءَ " مَنْصُوبٌ عَلَى حُكْمِ الْمَفْعُولِ .
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ : مُبَادَرَةُ إبْرَاهِيمَ بِالنُّزُولِ حِينَ ظَنَّ أَنَّهُمْ أَضْيَافٌ مَشْكُورَةٌ مِنْ اللَّهِ مَتْلُوَّةٌ مِنْ كَلَامِهِ فِي الثَّنَاءِ بِهَا عَلَيْهِ ، تَبَيَّنَ ذَلِكَ فِي إنْزَالِهِ فِيهِ حِينَ قَالَ فِي مَوْضِعِ : { فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ } . وَفِي آخَرَ : فَجَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ أَيْ مَشْوِيٍّ ، وَوَصَفَهُ بِالطِّيبَيْنِ : طِيبِ السِّمَنِ ، وَطِيبِ الْعَمَلِ بِالْإِشْوَاءِ ، وَهُوَ أَطْيَبُ لِلْمُحَاوَلَةِ فِي تَنَاوُلِهِ ؛ فَكَانَ لِإِبْرَاهِيمَ فِيهِ ثَلَاثُ خِصَالٍ : الضِّيَافَةُ ، وَالْمُبَادَرَةُ بِهَا جَيِّدًا لِسِمَنٍ فِيهَا وَصْفًا .
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ : قَالَ بَعْضُ عُلَمَائِنَا : كَانَتْ ضِيَافَةٌ قَلِيلَةٌ فَشَكَرَهَا الْحَبِيبُ مِنْ الْحَبِيبِ ، وَهَذَا تَحَكُّمٌ بِالظَّنِّ فِي مَوْضِعِ الْقَطْعِ وَبِالْقِيَاسِ فِي مَوْضِعِ النَّقْلِ ، مِنْ أَيْنَ عُلِمَ أَنَّهُ قَلِيلٌ ؟ بَلْ قَدْ نَقَلَ الْمُفَسِّرُونَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ كَانُوا ثَلَاثَةً : جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ وَإِسْرَافِيلُ ، وَعِجْلٌ لِثَلَاثَةٍ عَظِيمٌ ، فَمَا هَذَا التَّفْسِيرُ فِي كِتَابِ اللَّهِ بِالرَّأْيِ ؟ هَذَا بِأَمَانَةِ اللَّهِ هُوَ التَّفْسِيرُ الْمَذْمُومُ ، فَاجْتَنِبُوهُ فَقَدْ عَلِمْتُمُوهُ .
الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ : السُّنَّةُ إذَا قُدِّمَ لِلضَّيْفِ الطَّعَامُ أَنْ يُبَادِرَ الْمُقَدَّمُ إلَيْهِ بِالْأَكْلِ مِنْهُ ، فَإِنَّ كَرَامَةَ صَاحِبِ الْمَنْزِلِ الْمُبَادَرَةُ بِالْقَبُولِ ، فَلَمَّا قَبَضَ الْمَلَائِكَةُ أَيْدِيَهُمْ نَكِرَهُمْ إبْرَاهِيمُ ؛ لِأَنَّهُمْ خَرَجُوا عَنْ الْعَادَةِ ، وَخَالَفُوا السُّنَّةَ ، وَخَافَ أَنْ يَكُونَ وَرَاءَهُمْ مَكْرُوهٌ يَقْصِدُونَهُ . وَقَدْ كَانَ مِنْ الْجَائِزِ- كَمَا يَسَّرَ اللَّهُ لِلْمَلَائِكَةِ أَنْ يَتَشَكَّلُوا فِي صِفَةِ الْآدَمِيِّ جَسَدًا وَهَيْئَةً- أَنْ يُيَسِّرَ لَهُمْ أَكْلَ الطَّعَامِ ، إلَّا أَنَّهُ فِي قَوْلِ الْعُلَمَاءِ ، أَرْسَلَهُمْ فِي صِفَةِ الْآدَمِيِّينَ ، وَتَكَلَّفَ إبْرَاهِيمُ الضِّيَافَةَ حَتَّى إذَا رَأَى التَّوَقُّفَ ، وَخَافَ جَاءَتْهُ الْبُشْرَى فَجْأَةً ، وَأَكْمَلُ الْمُبَشِّرَاتِ مَا جَاءَ فَجْأَةً وَلَمْ يَظُنَّهُ الْمَسْرُورُ حِسَابًا .