الْآيَةُ الثَّالِثَةُ قَوْله تَعَالَى : { أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ } .
فِيهَا مَسْأَلَتَانِ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : فِيمَنْ نَزَلَتْ ؟
وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْمُؤْمِنِ ، وَفِي عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ الْكَافِرِ ، فَاخَرَ عُقْبَةُ عَلِيًّا ، فَقَالَ : أَنَا أَبْسَطُ مِنْك لِسَانًا ، وَأَحَدُّ سِنَانًا ، وَأَمْلَأُ فِي الْكَتِيبَةِ مِنْك حَشْوًا . فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ : لَيْسَ كَمَا قُلْت يَا فَاسِقُ .
قَالَ قَتَادَةُ : وَاَللَّهِ مَا اسْتَوَيَا فِي الدُّنْيَا ، وَلَا عِنْدَ الْمَوْتِ ، وَلَا فِي الْآخِرَةِ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : فِي هَذَا الْقَوْلِ نَفْيُ الْمُسَاوَاةِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ ، وَبِهَذَا مُنِعَ الْقِصَاصُ بَيْنَهُمَا ؛ إذْ مِنْ شُرُوطِ وُجُودِ الْقِصَاصِ الْمُسَاوَاةُ بَيْنَ الْقَاتِلِ وَالْمَقْتُولِ ، وَبِذَلِكَ احْتَجَّ عُلَمَاؤُنَا عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي قَتْلِهِ الْمُسْلِمَ بِالذِّمِّيِّ .
وَقَالَ : أَرَادَ نَفْيَ الْمُسَاوَاةِ هَاهُنَا فِي الْآخِرَةِ فِي الثَّوَابِ ، وَفِي الدُّنْيَا فِي الْعَدَالَةِ ، وَنَحْنُ حَمَلْنَاهُ عَلَى عُمُومِهِ ؛ وَهُوَ أَصَحُّ ؛ إذْ لَا دَلِيلَ يَخُصُّهُ حَسْبَمَا قَرَرْنَاهُ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ .