الْآيَةُ الثَّانِيَةُ : قَوْله تَعَالَى : { إنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ } .
فِيهَا ثَلَاثُ مَسَائِلَ :
المسألة الْأُولَى : قَوْله تَعَالَى : { إنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ } يَعْنِي لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ؛ إذْ لَا يَتِمُّ أَحَدُ الرُّكْنَيْنِ إلَّا بِالْآخَرِ ، حَسْبَمَا بَيَّنَّاهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ وَاسْتَقَرَّ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ .
المسألة الثَّانِيَةُ : قَوْله تَعَالَى : { ثُمَّ اسْتَقَامُوا } اسْتِفْعَالٌ ، من قَامَ يَعْنِي دَامَ وَاسْتَمَرَّ وَفِيهَا قَوْلَانِ :
أَحَدُهُمَا : اسْتَقَامُوا عَلَى قَوْلِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ حَتَّى مَاتُوا عَلَيْهَا ، وَلَمْ يُبَدِّلُوا وَلَمْ يُغَيِّرُوا . الثَّانِي : اسْتَقَامُوا عَلَى أَدَاءِ الْفَرَائِضِ . وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ صَحِيحٌ لَازِمٌ ، مُرَادٌ بِالْقَوْلِ . وَالْمَعْنَى : فَإِنَّ " لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ " مِفْتَاحٌ لَهُ أَسْنَانٌ ، فَمَنْ جَاءَ بِالْمِفْتَاحِ وَأَسْنَانِهِ فُتِحَ لَهُ ، وَإِلَّا لَمْ يُفْتَحْ لَهُ .
المسألة الثَّالِثَةُ : { تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ الْمَلَائِكَةُ } قَالَ الْمُفَسِّرُونَ : يَعْنِي عِنْدَ الْمَوْتِ ، وَأَنَا أَقُولُ فِي كُلِّ يَوْمٍ ، وَآكَدُ الْأَيَّامِ يَوْمَ الْمَوْتِ ، وَحِينَ الْقَبْرِ ، وَيَوْمَ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ ، وَفِي ذَلِكَ آثَارٌ بَيَّنَّاهَا فِي مَوَاضِعِهَا .