الْآيَةُ الثَّانِيَةُ : قَوْله تَعَالَى : { مَا أَصَابَ من مُصِيبَةٍ إلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاَللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاَللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } .
قَالَ الْقَاضِي : أَدْخَلَ عُلَمَاؤُنَا هَذِهِ الْآيَةَ فِي فُنُونِ الْأَحْكَامِ ، وَقَالُوا : إنَّ ذَلِكَ الرِّضَا بِالْقَضَاءِ وَالتَّسْلِيمَ لِمَا يَنْفُذُ من أَمْرِ اللَّهِ ، وَالْمِقْدَارُ الَّذِي يَتَعَلَّقُ مِنْهُ بِالْأَحْكَامِ أَنَّ الصَّبْرَ عَلَى الْمَصَائِبِ لِعِلْمِ الْعَبْدِ بِالْمَقَادِيرِ من أَعْمَالِ الْقُلُوبِ ؛ وَهَذَا خَارِجٌ عَنْ سُبُلِ الْأَحْكَامِ ، لَكِنْ لِلْجَوَارِحِ فِي ذَلِكَ أَعْمَالٌ [ مِنْ دَمْعِ الْعَيْنِ ، وَالْقَوْلِ بِاللِّسَانِ ، وَالْعَمَلِ بِالْجَوَارِحِ ] ، فَإِذَا هَدَأَ الْقَلْبُ جَرَى اللِّسَانُ بِالْحَقِّ . وَرَكَدَتْ الْجَوَارِحُ عَنْ الْخَرْقِ ، وَلَوْ اسْتَرْسَلَ الدَّمْعُ لَمْ يَضُرَّ . قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُبَيِّنًا لِذَلِكَ : { تَدْمَعُ الْعَيْنُ ، وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ ، وَلَا نَقُولُ إلَّا مَا يُرْضِي رَبَّنَا ، وَإِنَّا بِك يَا إبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ » .
وَقَدْ بَيَّنَّا حُكْمَ النِّيَاحَةِ ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا من الْأَعْمَالِ الْمَكْرُوهَةِ فِيمَا تَقَدَّمَ ، فَلَا وَجْهَ لِإِعَادَتِهَا .