– قوله تعالى : { إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما } :
اختلف في الضمير في قوله : { يصلون } لمن هو ؟ فقالت فرقة لله تعالى ولملائكته . وهو قول من الله تعالى شرف الله تعالى به ملائكته فلا يدفعه الاعتراض الذي جاء في قول الخطيب عند رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أطاع الله ورسوله رشد ومن يعصهما فقد ضل . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بئس الخطيب أنت " {[10403]} قالوا لأنه ليس لأحد من البشر أن يجمع ذكر الله تعالى مع غيره في ضمير واحد ، ولله أن يفعل ما يشاء . وقالت فرقة هو للملائكة خاصة ، تقديره أن الله تعالى يصلي على محمد وملائكته يصلون . ودل الظاهر من القول على ما ترك ، وليس في الآية اجتماع في ضمير . فعلى هذين القولين لا يجوز لأحد الجمع بين الله تعالى وبين غيره في ضمير ويستدل من ذهب إلى هذا القول بإنكار النبي صلى الله عليه وسلم على رجل قال : ما شاء الله وشئت . وقالت فرقة بل الضمير لله تعالى وملائكته وذلك جائز للبشر فعله ولم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم : بئس الخطيب أنت ، لهذا المعنى ، وإنما قاله لأن الخطيب وقف على : ومن يعصهما ، وسكت . ومما يؤيد هذا أن في كلام النبي صلى الله عليه وسلم في مصنف أبي داود : ومن يعصهما ، فجمع ذكر الله تعالى وذكر رسوله في ضمير واحد . وفي كتاب مسلم : بئس الخطيب أنت ، وقفه وحمله على الأولى في فصل الضمير وإن كان أقل . ومن يعص الله ورسوله . وهذا يحتمل أن يكون لما خطأه في وقفه أصلح له بعد ذلك جميع كلامه لأن فصل ضمير اسم الله تعالى من ضمير غيره أولى لا محالة . فقال له بئس الخطيب أنت لموضع وقفه وحمله على الأولى في فصل الضمير وإن كانا جميعا جائزين . وصلاة الله تعالى رحمة منه وصلاة الملائكة دعاء وصلاة المؤمنين دعاء وتعظيم . والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فرض ، وأمر الله تعالى بها أمر يحمل على الوجوب . واختلف فيه في الصلاة هل هي فرض أو سنة ؟ فذهب الشافعي إلى أنه فرض تفسد الصلاة بتركه ، ومن حجة هذا القول عموم الآية لأنه لم يخصص به صلاة من غيرها . وذهب مالك وغيره إلى أنه سنة . واختلف هل يجوز أن يصلي على غير النبي صلى الله عليه وسلم أم لا ؟ فلم يجزه قوم ورآه مختصا بالنبي صلى الله عليه وسلم لأن الأمر بالصلاة إنما جاء فيه ، فيقصرونه عليه كما جاء في الآية . وأجازه آخرون إذ الأمر بالصلاة عليه لا يدل على أنه لا يجوز على غيره ، واحتجوا أيضا بما جاء عنه صلى الله عليه وسلم من قوله : " اللهم صل على آل أبي أوفى " ويرون أنه لما نزلت هذه الآية قال له قوم : يا رسول الله : هذا السلام عليك فقد عرفناه فكيف نصلي عليك ؟ قال : " قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وارحم محمدا وآل محمد كما رحمت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد " وفي بعض الأحاديث زيادة ونقص ولكن هذا معناه{[10404]} .