– قوله تعالى : { لا جناح عليهن في آبائهن . . . . } إلى قوله تعالى : { واتقين الله } :
لما أوجب الله تعالى الحجاب احتمل أن يكون من ذوي المحارم وغيرهم فبين الله تعالى بهذه أن الحجاب إنما هو دون من ذكر فيها من القرابات للضرورة المحوجة إلى ذلك . فمن ذلك الآباء والأبناء والإخوة وأبناؤهم وأبناء الأخوات .
وقوله : { ولا نسائهن } دخل فيه الأخوات والأمهات وسائر القرابات من النساء وما يتصل بهن من التصرفات لهن . ويؤيد هذا القول – وهو قول جماعة من أهل العلم – هذه الإضافة المخصصة في قوله تعالى : { نسائهن } . وقال ابن زيد وغيره إنما أراد جميع النساء المؤمنات وتخصيص الإضافة إنما هو في الإيمان .
وقوله تعالى : { أو ما ملكت أيمانهن } :
اختلف في المباح هنا من ملك اليمين ما هو ؟ فقيل الإماء دون العبيد . وقيل الإماء والعبيد ، وهذا القول أولى بلفظ الآية . ثم اختلف من ذهب إلى ذلك {[10397]} فقالت فرقة من ملكته من العبيد من ملكه سواهن . وهو أظهر من لفظ الآية . وقالت فرقة بل{[10398]} من جميع العبيد {[10399]} كانت في ملكهن أو في ملك غيرهن . والمكاتب إذا كان عنده ما يؤدي فقد أمر صلى الله عليه وسلم بضرب الحجاب دونه ، وفعلت ذلك أم سلمة مع مكاتبها نبهان . ولم يذكر تعالى الأعمام والأخوال في الإباحة . فاختلف فيهم هل هم ممن يحتجب منهم أم لا ؟ فقالت فرقة لم يذكر الله تعالى العم والخال لأنهما يجريان مجرى الوالدين . وقد قال عليه الصلاة والسلام : " الخال أحد الأبوين " {[10400]} وقال قوم منهم الشعبي وعكرمة {[10401]} لم يذكرهم الله تعالى لإمكان أن يصفوا لأبنائهم ، وكرهوا أن تضع المرأة خمارها عند عمها أو خالها وقد تقدم أكثر هذا في سورة النور واختلف المفسرون في المعنى الذي رفع فيه الجناح بهذه الآية .
فقال قتادة هو الحجاب ، أي أبيح لهذه الأصناف الدخول على النساء دون حجاب ورؤيتهن . وقال مجاهد : ذلك في وضع الجلباب وإبداء الزينة . ولما رخص في هذه الأصناف وانخرمن {[10402]} الإباحة ، عطف تعالى فأمرهن بالتقوى .