– الأول قوله تعالى : { الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم
يؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا . . . . } الآية :
هذه الآية فسرت المجمل من قوله تعالى في سورة الشورى {[10432]} { ويستغفرون لمن في الأرض } [ الشورى : 5 ] لأن هذه الآية جاءت عامة في استغفار الملائكة لأهل الأرض {[10433]} مؤمنهم وكافرهم فخصصت {[10434]} هذه الآية بقوله تعالى فيها : { للذين آمنوا } الكافرين وبقيت الآية في الاستغفار للمؤمنين . هذا أحسن ما يقال في الآية . وهذا الاستغفار هو بمعنى قوله تعالى في غير هذه الآية : { كان على ربك وعدا مسئولا } [ الفرقان : 16 ] أي سألته الملائكة . وبعض الناس – وهو وهب بن منبه –{[10435]} يقول إن هذه الآية ناسخة لآية الشورى {[10436]} . وهو قول ضعيف لأن الآية خبر والأخبار لا يدخل فيها النسخ . وقد يحتمل أن يقال في آية الشورى إنها على عمومها من استغفار الملائكة لأهل الأرض إلا أن استغفارهم للمؤمنين على حقيقة الاستغفار واستغفارهم للكافر بمعنى طلب المغفرة لهم وهدايتهم . وعلى هذا النحو ساق بعضهم استغفار إبراهيم عليه السلام لأبيه واستغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم للمنافقين {[10437]} . وقد قال بذلك قوم . فهذه ثلاثة في الآيتين ، أحدها : أن آية غافر مخصصة لآية الشورى وهو أحسن الأقوال كما قدمنا .
والثاني : أنها ناسخة لها ، وهو ضعيف .
والثالث : أنها ليست ناسخة ولا مخصصة وأن هذه الآية التي في غافر في المؤمنين خاصة ، والتي في الشورى للمؤمنين والكافرين ، إلا أن الاستغفار للمؤمنين بخلاف الاستغفار للكفار . وقد حكي عن بعض الصلحاء أن رجلا قال له استغفر لي . فقال له تب واتبع سبيل الله يستغفر لك من هو خير مني ، وتلا هذه الآية . وقال ابن الشخير {[10438]} وجدنا أنصح العباد للعباد الملائكة وأغش العباد للعباد الشياطين ، وتلا هذه الآية {[10439]} وقد ذهب النقاش إلى أن في هذه الآية دليلا له على بطلان قول من زعم أنه لا يجوز للعباد أن يسألوا الله تعالى فعل ما أخبر أنه لا يفعله .