التّفسير
الموعظة والنصيحة:
كان الكلام في الآيات السابقة عن أنّ الإِيمان يجب أن يكون اختيارياً لا بالجبر والإكراه ،ولهذا فإِن الآية الأُولى هنا ترشد الناس إِلى الإِيمان الاختياري ،وتخاطب النّبي فتقول: ( قل انظروا ماذا في السماوات والأرض ) ؟
إِن كل هذه النجوم اللامعة والكواكب السماوية المختلفة التي يدور كل منها في مداره ،وهذه المنظومات الكبيرة والمجرات العملاقة ،وهذا النظام الدقيق الحاكم على كل تلك الكواكب ،وكذلك هذه الكرة الأرضية بكل عجائبها وأسرارها ،وكل هذه الكائنات الحية المتنوعة المختلفة ..تدل بالتمعن في دقائق صنعها والتدبّر في نظامها على المبدأ الأزلي للعالم .وستتعرفون أكثر على خالق هذه الكائنات .
إِنّ هذه الجملة تنفي بوضوح مسألة الجبر وسلب حرية الإِرادة ،فهي تقول: إِنّ الإِيمان هو نتيجة التدبر في عالم الخلقة ،أي إِنّ هذا الأمر في اختياركم .
ثمّ تضيف أنّه رغم كل هذه الآيات والعلامات الدالّة على الحق ،فلا داعي للعجب من عدم إِيمان البعض ،لأنّ الآيات والدلالات والإِنذارات تنفع الذين لهم الاستعداد لتقبل الحق ،أمّا هؤلاء فإِنّه ( وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون ){[1751]} .
إِنّ هذه الجملة إِشارة إِلى الحقيقة التي قرأناها مراراً في القرآن ،وهي أن الدلائل وكلمات الحق والمواعظ لا تكفي لوحدها ،بل إِنّ الأرضية المستعدة شرط أيضاً في حصول النتيجة .