لكنّهم تجرّأوا أخيراً وسألوه مستفسرين منه ( قالوا أءنّك لأنت يوسف ) .
كانت هذه الدقائق أصعب اللحظات على الإخوة ،حيث لم يكونوا يعرفون محتوى إجابة العزيز !وأنّه هل يرفع الستار ويظهر لهم حقيقته ،أم أنّه سوف يعتقد بأنّهم مجانين حيث ظنّوا هذا الظنّ .
كانت اللحظات تمرّ بسرعة والانتظار الطويل يثقل على قلوبهم فيزيد في قلقهم ،لكن يوسف لم يدع اُخوته يطول بهم الانتظار ورفع الحجاب بينه وبينهم وأظهر لهم حقيقة نفسه و ( قال أنا يوسف وهذا أخي ) لكن لكي يشكر الله سبحانه وتعالى على ما أنعمه من جميع هذه المواهب والنعم ،ولكي يعلّم إخوته درساً آخر من دروس المعرفة قال: إنّه ( قدّ منّ الله علينا إنّه من يتّق ويصبر فإنّ الله لا يضيع أجر المحسنين ) .
لا يعرف أحد كيف مرّت هذه اللحظات الحسّاسة على الإخوة كما لا يعرف أحد مدى انفعالهم وما خامرهم من السرور والفرح وكيف تعانقوا واحتضنوا أخاهم والدموع الغزيرة التي ذرفوها وذلك حينما التقوا بأخيهم وبعد عشرات السنين من الفراق ،لكنّهم في كلّ الأحوال كانوا لا يطيقون النظر إلى وجه أخيهم يوسف لعلمهم بالذنب والجريمة التي اقترفوها في حقّه ،فترقّبوا إجابة يوسف وأنّه هل يغفر لهم إساءتهم إليه ويعفو عن جريمتهم أم لا ؟