ثمّ يضيف تعالى ( يوم تبدّل الأرض غير الأرض والسّماوات ) وسوف يتجدّد كلّ شيء بعد الدمار ،ويبعث الإنسان في خلق جديد وعالم جديد يختلف في كلّ شيء عن هذا العالم ،في سعته ،في نعيمه وعقابه وسيظهر الإنسان بكلّ وجوده لله تعالى: ( وبرزوا لله الواحد القهّار ) .
و «البروز » من مادّة «البراز » على وزن «فراز » بمعنى الفضاء والمحلّ الواسع ،وغالباً ما تأتي بمعنى الظهور ،لأنّ وجود الشيء في الفضاء الواسع بمعنى ظهوره ،وهناك آراء مختلفة للمفسرين في معنى بروز الناس لله تعالى ،الكثير يرى أنّها تعني الخروج من القبر .
ويحتمل أن يكون المعنى انكشاف بواطن وظواهر جميع الناس في يوم المحشر ،كما نقرأ في الآية ( 16 ) من سورة غافر ( يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء ) وكذلك الآية ( 9 ) من سورة الطارق ( يوم تبلى السرائر ) وعلى أي حال فوصفه بالقهّار دليل على تسلطه على كلّ الأشياء وسيطرته على ظاهرها وباطنها .
وهنا يأتي هذا السؤال ،وهو: هل أنّ شيئاً خفي على الله في هذه الدنيا لكي يظهر في الآخرة ؟أم أنّ الله لا يعلم بما في القبور ولا يعلم بأسرار الناس ؟
ويتّضح الجواب من الالتفات إلى هذه النقطة ،وهي أنّ لنا ظاهراً وباطناً في هذه الدنيا ،وقد يشتبه على البعضبسبب علمنا المحدودأنّ الله لا يرى باطننا ،ولكن سوف يظهر كلّ شيء في الآخرة ولا وجود للظاهر والباطن هناك ،وبعبارة أُخرى فالظهور بالقياس إلى علمنا وليس إلى علم الله المطلق .
/خ52