المفردات:
برزوا: خرجوا من قبورهم .
{يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات ...} .
تصف الآيات كما ترى مشهدا من مشاهد القيامة ؛حيث تبدل الأرض غير الأرض ،فيحشر الناس على أرض تغيرت صفاتها ،فسيرت جبالها ،وفجرت بحارها ،ولا يرى فيها عوجا ولا ارتفاعا ولا انخفاضا ،بل هي أرض منبسطة ممتدة ،مستوية معتدلة ؛كأنما خلقت خلقا جديدا من أجل المحشر .
قال تعالى:{وإذا الأرض مدّت* وألقت ما فيها وتخلت* وأذنت لربها وحقّت} ( الانشقاق: 35 ) .
( واعلم أن التبديل قد يكون في الذات ،وقد يكون في الصفات ،والآية ليست نصا في أحد الوجهين ،والله أعلم كيف يتم هذا التبديل )35 .
والسماوات ستتبدل ،وتنشق السماء على غلظها ،وتتعلق الملائكة بأرجائها ،والشمس تفقد جانبا من توهجها ،وتصبح من النجوم القزمة ،وكذلك النجوم تنكدر ويذهب ضوؤها ،وتتغير السماوات والأفلاك والأبراج والنجوم ،بمخلوقات أخرى مناسبة للحياة الآخرة .
وفي آيات كثيرة وردت في القرآن تفيد: أن هذا الكون كانت له بداية ،حيث خلقه الله من عدم ،وبعد ملايين السنين صار صالحا للحياة ،وتكونت الشمس والأقمار والنجوم والمجرات ،ووجد هذا الكون البديع المتكامل ،الصالح للحياة ،بحيث تمطر السماء ،وتنبت الأرض ،ويسخر السحاب والفضاء ،والشمس والقمر ،والهواء والرياح والبحار والأنهار ،لإعمار الكون والحياة .
قال تعالى:{ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا* الملك يومئذ الحق للرحمن وكان يوما على الكافرين عسيرا}( الفرقان:25 ) .
وفي سورة التكوير يقول سبحانه:{إذا الشمس كورت* وإذا النجوم انكدرت* وإذا الجبال سيرت} ( الآيات:1 3 ) .
وفي سورة الانفطار يقول سبحانه:{إذا السماء انفطرت* وإذا الكواكب انتثرت* وإذا البحار فجّرت* وإذا القبور بعثرت* علمت نفس ما قدّمت وأخرّت} ( الانفطار: 15 ) .
أي: أن هذا الكون سيتغير ويتبدل بقدرة الله ،كما أنه أوجد بقدرة الله ،وصار صالحا للحياة بمشيئته وأمره ،فانشقت السماء بالمطر ،وانشقت الأرض بالنبات ،وتكاملت دورة إعمار الكون بالجبال ،والبحار ،والأنهار ،والليل ،والنهار ،قال تعالى:{أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما36 وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون* وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم وجعلنا فيها فجاجا سبلا لعلهم يهتدون* وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن آياتنا معرضون* وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون}( الأنبياء:30 33 ) .
{وبرزوا لله الواحد القهار} .
أي: خرجت الناس جميعا من قبورها ،وبرزت وظهرت بأعمالها ؛للوقوف بين يدي الواحد الأحد ،الفرد الصمد ،مالك يوم الدين ،الذي قهر كل شيء وغلبه ،ودانت له الرقاب ،فلا مستغاث لأحد إلى غيره ،ولا مستجار سواه .