/م18
الآية التي بعدها تشير إلى أصل مهم في هذا الخصوص و تقول: كما أن السعي في هذه الدنيا متفاوت ،وتتفاوت معه الأجور ؛فكذلك الأمر في الآخرة: ولكن التفاوت الدنيوي محدود ،لأنَّ الدنيا هي نفسها محدودة ،وأمّا الآخرةولكونها غير محدودةفإن تفاوتها غير محدود ،إِذ يقول تعالى: ( أنظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا ) .
قد يقول قائل هنا ؛إِننا نرى في هذه الدنيا أفراداً يحصلون على أرباح كثيرة بدون أي سعي أو جهد .
الجواب: إِنّ وجود هؤلاء يعبِّر عن حالات استثنائية لا يمكن اعتبارها قاعدة في مقابل الأصل الكلي ،المتمثل في الجهد والسعي ودورهما في نجاح الإِنسان وتوفيقه .وبذلك فإِنَّ هذه الاستثناءات الثانوية لا تنافي الأصل الأساسي .
وأخيراً ،وقبل أن ننتقل إلى الملاحظات ،ينبغي أن نُنَّبه إلى أنَّ السعي وبذل الجهد لا يتعلقان بالكمية والمقدار فقط ،ففي بعض الأحيان يكون السعي القليل ذو الكيفية العالية أكثر أثراً من السعي الكثير والكيفية الدانية .
/خ21