/م22
في البداية تبدأ هذه الآيات بالتوحيد وتقول: ( لا تجعل مع اللّه إِلهاً آخر ) إنّها لم تقل: لا تعبد مع اللّه إِلهاً آخر ،بل تقول: ( لا تجعل ) هذا اللفظ أشمل وأوسع ،إِذ هو يعني: لا تجعل معبوداً آخر مع اللّه لا في العقيدة ،ولا في العمل ،ولا في الدعاء ،ولا في العبودية .بعد ذلك توضح الآية النتيجة القاتلة للشرك: ( فتقعد مذموماً مخذولا ) .
إِنَّ استعمال كلمة «القعود » تدل على الضعف والعجز ،فمثلا يقال: قَعَدَ به الضعف عن القتال .وَمِن هذا التعبير يُمكن أن نستفيد أنَّ للشرك ثلاثة آثار سيئة جدّاً في وجود الإِنسان ،هي:
1الشرك يؤدي إلى الضعف والعجز والذّلة ،في حين أنَّ التوحيد هو أساس الحركة والنهوض والرفعة .
2الشرك موجب للذم واللوم ،لأنَّهُ خط انحرافي واضح في قبال منطق العقل ،ويعتبر كفراً واضحاً بالنعم الإِلهية ،لذا فالشخص الذي يسمح لنفسه بهذا الانحراف يستحق الذم .
3الشرك يكون سبباً في أن يترك اللّه سبحانه وتعالى الإِنسان إلى الأشياء التي يعبدها ،ويمنع عنهُ حمايته ،وبما أنَّ هذه المعبودات المختلفة والمصطنعة لا تملك حماية أي إِنسان أو دفع الضرر عنه ،ولأنَّ اللّه لا يحمي مثل هؤلاء ،لذا فإِنهم يصبحون «مخذولين » أي بدون ناصر ومعين .
إِنَّ هذا المعنى يتّضح بشكل آخر في آيات قرآنية أُخرى ،إِذ نقرأ مثلا في الآية ( 41 ) من سورة العنكبوت: ( مثل الذين اتّخذوا مِن دون اللّه أولياء كمثل العنكبوت اتّخذت بيتاً ،وإِنَّ أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون ) .