/م22
وقد تحدث من قبل بعض الأبناء انحرافات فيما يتعلق بحقوق الوالدين واحترامهم والتواضع لهم ،وقد يصدر هذا العقوق عن جهل في بعض الأحيان ،وعن قصد وعلم في أحيان أُخرى ،لذا فإِنَّ الآية الأخيرة في بحثنا هذا تشير إلى هذا المعنى بالقول: ( ربّكم أعلم بما في نفوسكم ) .وهذه إِشارة إلى أنَّ علم اللّه ثابت وَأزلي وأبدي وبعيد عن الإِشتباهات ،بينما علمكم أيّها الناس لا يحمل هذه الصفات !لذلك فإِذا طغى الإِنسان وعصى أوامر خالقه في مجال احترام الوالدين والإِحسان إِليهم ،ولكن بدون قصد وعن جهل ،ثمّ تابَ بعد ذلك وأناب ،وندم على ما فعل وأصلح ،فإِنَّهُ سيكون مشمولا لعفو اللّه تعالى: ( إِن تكونوا صالحين فإِنَّهُ كانَ للأوابين غفوراً ) .
«أوّاب » مُشتقة مِن «أوب » على وزن «قوم » وهي تعني الرجوع مع الإِرادة ،في حين أن كلمة «رجع » تقال للرجوع مع الإِرادة أو بدونها ،لهذا السبب يقال للتوبة «أوبة » لأنَّ حقيقة التوبة تنطوي على الرجوع عن الأمر ( المنكر ) ،إلى اللّه ،مع الإِرادة .
وبما أنَّ كلمة «أوّاب » هي صيغة مِبالغة ،لذا فإِنّها تقال للأشخاص الذين كلما أذنبوا رجعوا إلى خالقهم .وقد تكون صيغة المبالغة في «أوّاب » هي إِشارة إلى تعدُّد عوامل العودة والرجوع إلى اللّه .فالإِيمان بالله أوّلاً ؛والتفكير بحكمة يوم الجزاء والقيامة ثانياً ؛والضمير الحي ثالثاً ؛والتفكير بعواقب ونتائج الذنوب رابعاً ،كل هذه العوامل تعمل سويةً لأجل عودة الإِنسان مِن طريق الانحراف ،نحو اللّه .
/خ25