هؤلاء الفتية الموحدون قاموا بما يستطيعون لإِزالة صدأ الشرك عن قلوب الناس ،وزرع غرسة التوحيد في مكانها ،إِلاَّ أنَّ ضجة عبادة الأصنام في ذلك المحيط الفاسد ،وظلم الحاكم الجبار كانتا مِن الشدّة بحيث حبستا أنفاس عبادة الله في صدورهم وانكمشت همهمات التوحيد في حناجرهم .
وهكذا اضطروا للهجرة لإنقاذ أنفسهم والحصول على محيط أكثر استعداداً وقد تشاوروا فيما بينهم عن المكان الذي سيذهبون إِليه ثمّ كان قرارهم: ( وإِذا اعتزلتموهم وما يعبدون إِلاَّ الله فأووا إلى الكهف ) .حتى: ( ينشر لكم ربّكم مِن رحمته ويُهيِّىء لكم مِن أمركم مرفقاً ) .
«يُهيَّىء » مُشتقة مِن «تهيئة » بمعنى الإِعداد .
«مرفق » تعني الوسيلة التي تكون سبباً للطف والرفق والراحة ،وبذا يكون معنى الجملة ( ويهيِّىء لكم مِن أمركم مرفقاً ) أنَّ الخالق سبحانهُ وتعالى سيرتب لكم وسيلة للرفق والراحة .
وليس مِن المستبعد أن يكون ( نشر الرحمة ) الوارد في الجملة الأُولى إِشارة إلى الألطاف المعنوية لله تبارك وتعالى ،في حين أنَّ الجملة الثّانية تشير إلى الجوانب المادية التي تؤدي إلى خلاصهم ونجاتهم .
/خ16