وقد سرّ زكريا وفرح كثيراً لدى سماعه هذه البشارة ،وغمر نفسه نور الأمل ،لكن لما كان هذا النداء بالنسبة إِليه مصيرياً ومهماً جداً ،فإِنّه طلب من ربّه آية على هذا العمل: ( قال ربّ اجعل لي آية ) .
لا شك أنّ زكريا كان مؤمناً بوعد الله ،وكان مطمئناً لذلك ،إِلاَّ أنّه لزيادة الاطمئنانكما أنّ إِبراهيم الذي كان مؤمناً بالمعاد طلب مشاهدة صورة وكيفية المعاد في هذه الحياة ليطمئن قلبهطلب من ربّه مثل هذه العلامة والآية ،فخاطبه الله: ( قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليالِ سوياً ) واشغل لسانك بذكر الله ومناجاته .
لكن ،أية آية عجيبة هذه !آية تنسجم من جهة مع حال مناجاته ودعائه ،ومن جهة أُخرى فإِنّها تعزله عن جميع الخلائق وتقطعه إلى الله حتى يشكر الله على هذه النعمة الكبيرة ،ويتوجه إلى مناجاة الله أكثر فأكثر .
إِن هذه آية واضحة على أن إِنساناً يمتلك لساناً سليماً ،وقدرة على كل نوع من المناجاة مع الله ،ومع ذلك لا تكون له القدرة على التحدث أمام الناس !
/خ11