ثمّ أشارت إلى أحد أهمّ مناهج إبراهيم ( عليه السلام ) ،فقالت: إنّ رشد إبراهيم قد بان عندما قال لأبيه وقومهوهو إشارة إلى عمّه آزر ،لأنّ العرب تسمّي العمّ أباًما هذه التماثيل التي تعبدونها ؟( إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون ) .
لقد حقّر إبراهيم ( عليه السلام ) الأصنام التي كان لها قدسيّة في نظر هؤلاء بتعبير ( ما هذه ){[2524]} أوّلا ،وثانياً بتعبير ( التماثيل ) لأنّ التمثال يعني الصورة أو المجسّمة التي لا روح لها .ويقول تاريخ عبادة الأصنام: إنّ هذه المجسّمات والصور كانت في البداية ذكرى للأنبياء والعلماء ،إلاّ أنّها اكتسبت قدسيّة وأصبحت آلهة معبودة بمضيّ الزمان .
وجملة ( أنتم لها عاكفون ) بملاحظة معنى «العكوف » الذي يعني الملازمة المقترنة بالاحترام ،توحي بأنّ أولئك كانوا يحبّون الأصنام ،ويطأطئون رؤوسهم في حضرتها ويطوفون حولها ،وكأنّهم كانوا ملازميها دائماً .
إنّ مقولة إبراهيم ( عليه السلام ) هذه في الحقيقة استدلال على بطلان عبادة الأصنام ،لأنّ ما نراه من الأصنام هو المجسّمة والتمثال ،والباقي خيال وظنّ وأوهام ،فأي إنسان عاقل يسمح لنفسه أن يوجب عليها كلّ هذا التعظيم والاحترام لقبضة حجر أو كومة خشب ؟لماذا يخضع الإنسانالذي هو أشرف المخلوقاتأمام ما صنعه بيده ،ويطلب منه حلّ مشاكله ومعضلاته ؟!
/خ58