وقد أشارت الآية الأخيرةمن الآيات موضع البحثإلى مجمل هذه القصّة فقالت: ( إنّ في ذلك لآيات ) ففي هذه الحوادث التي جرت على نوح ( عليه السلام )وانتصاره على أعدائه الظالمين ،ونزول أشدّ أنواع العقاب عليهمآيات ودلائل لأصحاب العقول السليمة .
( وإن كنّا لمبتلين ) أي إنّنا نمتحن الجميع بشكل قاطع .وقد تكون هذه الجملة إشارة إلى امتحان الله لقوم نوح مراراً ،وعندما أخفقوا في الامتحان أهلكهم إلاّ المؤمنين .
كما قد تكون إشارة إلى امتحان الله لجميع البشر في كلّ زمان ومكان ،وما جاء في هذه الآيات لم يكن خاصّاً بالناس في زمن نوح ( عليه السلام ) ،بل يشمل الناس في جميع الدهور .فيهلك من كان عائقاً في طريق تكامل البشرية وليواصل الأخيار سيرهم الطبيعي .
واكتفت الآيات هنا بقضيّة بناء السفينة ودخول نوح ( عليه السلام ) وأصحابه إليها ،إلاّ أنّها لم تُشر إلى مصير المذنبين ،ولم تتحدّث عنهم بالتفصيل ،وإنّما اكتفت بالقول بأنّهم لقوا ما وعدهم الله ( إنّهم مغرقون ) لأنّ هذا الوعد مؤكّد لا يقبل النقض .
ولابدّ من القول بأنّ هناك حديثاً واسعاً عن قوم نوح وموقفهم إزاء هذا النّبي الكبير ،ومصيرهم المؤلم ،وقصّة السفينة ،وفوران الماء من التنور ،وحدوث الطوفان ،وغرق ابن نوح ( عليه السلام ) .وقد بيّنا قسماً كبيراً منه في تفسير سورة هود ،وسنذكر قسماً آخر في تفسير سورة نوح إن شاء الله .