ثمّ دعت الآية جميع الأنبياء وأتباعهم إلى توحيد الله والتزام تقواه ( وإنّ هذه اُمّتكم اُمّة واحدة ) فالاختلافات الموجودة بينكم ،وكذلك بين أنبيائكم ليست دليلا على التعدّدية إطلاقاً .( وأنا ربّكم فاتّقون ) .
فنحن بين يدي دعوة واعية إلى وحدة الجماعة والقضاء على ما يثير التفرقة ،ليعيش الناس اُمّة واحدة ،كما أنّ الله ربّهم واحد أحد .
ولهذا يجب أن ينتهج الناس ما نهجه الأنبياء ( عليهم السلام ) إذ دعوا إلى اتّباع تعاليم موحّدة ،ذات أساس واحد في كلّ مكان «توحيد الله ومعرفة الحقّ ،الاهتمام بالمعاد والتكامل في الحياة ،والاستفادة من الطيّبات والقيام بالأعمال الصالحة .والدفاع عن العدل والمبادئ الإنسانيّة » .
ويرى بعض المفسّرين أنّ كلمة «اُمّة » تعني هنا الدين والعقيدة .وليس المجتمع .إلاّ أنّ ضمير الجمع في جملة ( أنا ربّكم ) دليل على أنّ ( الأمة ) تعني الناس جميعاً .
وقد وردت كلمة «الاُمّة » في القرآن المجيد بمعنى «الجماعة » غالباً ،وندر ورودها بمعنى «الدين » مثل ( إنّا وجدنا آباءنا على اُمّة وإنّا على آثارهم مقتدون ){[2715]} .
وممّا يلفت النظر أنّ هذا المعنى تضمنّته الآية 92 من سورة الأنبياء مع فارق بسيط ( إنّ هذه اُمّتكم اُمّة واحدة وأنا ربّكم فاعبدون ) .في وقت شرحت الآيات السابقة لهذه الآية حياة كثير من الأنبياء ،و «هذه » في الحقيقة إشارة إلى اُمم الأنبياء السابقين ،الذين كانوا يشكّلون اُمّة واحدة بحسب التعاليم الإلهيّة ،حيث تحرّكوا جميعاً لتحقيق هدف واحد .