وأشارت آخر هذه الآيات إلى الجزاء الوافي لحراس نور الهداية وعشّاق الحقّ والحقيقة ،فقالت: ( ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله ) ،ولا عجب في ذلك ،لأنّ الفضل الإلهي لمن كان جديراً به غير محدود: ( والله يرزق من يشاء بغير حساب ) .
وقال بعض المفسّرين عما تعنيه عبارة ( أحسن ما عملوا ) في هذه الآية ،أنّها إشارة إلى جميع الأعمال الطيبة ،سواء كانت واجبة أم مستحبة ،صغيرة أم كبيرة .
ويرى آخرون أنّها إشارة إلى أنّ الله يكافئ الحسنة بعشر أمثالها ،وأحياناً بسبعمائة مثلها ،حيث نقرأ في الآية ( 160 ) من سورة الأنعام: ( من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ) .كما جاء في الآية ( 261 ) من سورة البقرة حول جزاء المنفقين في سبيل الله أنَّ المكافأة تعادل سبعمائة مرة أو ضعفها .
كما يمكن أن تفسّر العبارة السابقة بأنّ المقصود هو أنَّ الله يكافئ جميع أعمالهم بموجب أفضلها ،ويشمل ذلك أبسط أعمالهم وأوسطها ،حيث يجعلها الله بمستوى أفضل الأعمال حين منحه المكافأة .
وليس هذا بعيداً عن رحمة الله وفضله ،والعدالة تقضي بمساواة المكافأة مع العمل في سبيل الله ،إلاّ أنّ رحمة الله وسعتْ كلّ شيء ،فهو يهب دون حسابولا حدود ،فذاته المقدسة غير محدودة ،وأنعمه لا تنتهي ،وكرمه عظيم لا حدود له .
/خ38