التّفسير
آخر ما أُمر به النّبي !
كان الكلام في الآيات السابقة عن أعمال العباد وعلم الله بها ..أمّا الآيات محل البحث فيقع الكلام في مستهلّها عن جزائهم وثواب أعمالهم وأمنهم من فزع يوم القيامة ،إذ يقول سبحانه: ( من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون ) .
وهناك اختلاف بين تعبيرات المفسّرين في المراد من «الحسنة » في هذه الآية:
ففسّرها بعضهم بكلمة التوحيد «لا إله إلاّ الله » والإيمان بالله .
وفسّرها بعضهم بولاية أمير المؤمنين( عليه السلام ) والأئمّة من أهل البيت ( عليهم السلام ) ،وقد ورد التأكيد على هذا المعنى في الرّوايات المتعددة عن أهل البيت ،ومن جملتها ما جاء في رواية عن الإمام الباقر( عليه السلام ) أنّه دخل أبو عبد الله الجدلي على أمير المؤمنين( عليه السلام ) فقال: يا أبا عبد الله ألا أخبرك بقول الله عزّ وجلّ: ( من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النّار هل تجزون إلاّ ما كنتم تعملون ) قال: بلى يا أمير المؤمنين جعلت فداك ،فقال: «الحسنة معرفة الولاية حبّنا أهل البيت ،والسيئة إنكار الولاية وبغضنا أهل البيت ثمّ قرأ ( عليه السلام )الآية »{[3027]} .
وبالطبع فإنّ معنى الآية واسعوقد أشرنا إلى ذلك مراراًكما أنّ الحسنة هنا معناها واسع أيضاً ...فهي تشمل الصالحات والأعمال الخالصة ،ومن ضمنها الإيمان بالله وبرسوله وولاية الأئمّة من أهل البيت( عليهم السلام ) ،التي تعدّ في طليعة الأعمال الحسنة ،ولا يمنع أن تكون هناك أعمال صالحة أُخرى تشملها الآية .
أمّا ما أورده بعضهم بأنّه: على فرض العموم في «الحسنة » فسوف تشمل الإيمان بالله وهل هناك خير من الإيمان حتى يقول سبحانه: من جاء بالحسنة فله خير منها ؟
فالجواب على هذا الإشكال واضح ...لأنّ رضا الله خير من الإيمان .وبتعبير آخر: جميع هذه الأُمور مقدمة له ...وذو المقدمة خير من المقدمة !.
وهناك سؤال آخر يثار هنا ،وهو أن ظاهر بعض الآياتكالآية 2 من سورة الحجأنّ الفزع يعمّ الجميع في يوم القيامة ،فكيف استثني أصحاب الحسنات منه ؟.
فالآية ( 103 ) من سورة الأنبياء توضح الجواب على هذا السؤال فتقول: ( لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون ) .
و«الفزع الأكبر »هو كما نعلمفزع يوم القيامة ،وفزع الدخول في نار جهنّمأعاذنا الله منهالا الفزع الحاصل من النفخة في الصور «فلاحظوا بدقّة » .