وعلى كل حال ،فحين يواجه المجرمون واقعهم المرير المؤلم يظهرون ندمهم ويتوبون ويعتذرون ممّا صنعوا ،لكن القرآن يقول في هذا الصدد: ( فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم ولا هم يستعتبون ){[3239]}
وتجدر الإشارة إلى هذه المسألة ،وهي أن في بعض آيات القرآن تصريحاً بعدم الإذن للمجرمين أن يعتذروا ( ولا يؤذن لهم فيعتذرون ){[3240]}
غير أنّ الآية محل البحث تقول: لا ينفعهم الاعتذار هناك ،وظاهرها أنّهم يعتذرون ،إلاّ أنّه لا أثر لاعتذارهم .
وبالطبع فإنّه لا تضاد بين هذه الآيات ،لأنّ يوم القيامة فيه مراحل مختلفة ،وفي بعض المراحل لا يؤذن للمجرمين بالاعتذار أبداً ويختم على أفواههم ...وإنّما تتحدث الجوارح بما أساءت فحسب ...وفي بعض المراحل تنطلق ألسنتهم بالاعتذار ،إلاّ أنّه ...لا ينفعهم الاعتذار أبداً .؟!
وواحد من أعذارهم أنّهم يلقون تبعات ذنوبهم على أشياخهم في الكفر والنفاق ،فيقولون لهم: ( لولا أنتم لكنا مؤمنين ){[3241]} ،إلاّ أن أُولئك يردون عليهم بالقول: ( أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم ){[3242]}
وأحياناً يلقون اللوم على الشيطان في تضليلهم وانحرافهم وأنّه وسوس لهم ،إلاّ أن الشيطان يجيبهم ( فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ){[3243]} ،أي لم أكرهكم على الكفر ،إلاّ أنّكم استجبتم لي برغبتكم .