الآية الأخيرة تتعرّض إلى طريقة جميع متمردّي التاريخ إزاء الدعوات الإلهية لأنبياء الله بلهجة جميلة تأسر القلوب فتقول: ( يا حسرة على العباد ما يأتيهم من رسول إلاّ كانوا به يستهزئون ) .
وا أسفاه عليهم أن أغلقوا نافذة الرحمة الإلهية عليهم !وا أسفاه عليهم أن كسّروا مصباح هدايتهم !!،هؤلاء الضالّون المحرومون من السعادة لم يكتفوا بعدم الاستماع بآذان قلوبهم لنداء قادة البشرية العظام فقط ،بل إنّهم أصرّوا على السخرية والاستهزاء منهم ثمّ بادروا إلى قتلهم .مع أنّهم علموا المصير المشؤوم للطغاة الكفّار من قبلهم ،وسمعوا أو قرءوا على صفحات التأريخ كيف كانت خاتمتهم الأليمة ،ولكنّهم لم يعتبروا بالمواعظ وسلكوا نفس المسير ،وصاروا إلى نفس المصير .
ومن الواضح أنّ هذه الجملة هي قول الله تعالى ،لأنّ جميع هذه الآيات توضيح منه تعالى ،غير أنّ من الطبيعي أن الحسرة هنابمعناها المتعارف وهو الغمّ على ما فاتلا تنطبق على الله سبحانه وتعالى ،كما أنّ ( الغضب ) وأمثاله أيضاً لا يصدر بمفهومه المتعارف من الله سبحانه ،بل المقصود أنّ حال تلك الفئة التعيسة سيء إلى حدّ أنّ كلّ إنسان يطّلع عليه يتأسّف ويتحسّر متسائلا: لماذا غرقوا في تلك الدوامة مع توفّر كلّ وسائل النجاة ؟
التعبير ب «عباد » إشارة إلى أنّ العجب أن يكون هؤلاء العباد غارقين بنعم الله سبحانه وتعالى ثمّ يرتكبون مثل تلك الجنايات .
/خ30