ولأجل هذا يحاولون بإِطلاق تلك الأحكام الباطلة وتلك المزاعم السخيفة أن يخففوا من لهيب الحسد في كيانهم: ( أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله ) .
ثمّ أن الله سبحانه يقول معقباً على هذا: ولماذا تتعجبون من إِعطائنا النّبي( صلى الله عليه وآله وسلم ) وبني هاشم ذلك المنصب الجليل وذلك المقام الرفيع ،وقد أعطاكم الله سبحانه وأعطى آل إِبراهيم الكتاب السماوي والعلم والحكمة والملك العريض ( مثل ملك موسى و سليمان وداود ) ولكنّكممع الأسفأسأتم خلافتهم ففقدتم تلكم النعم المادية والمعنوية القيمة بسبب قسوتكم وشروركم: ( فقد آتينا آل إِبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكاً عظيماً ) .
والمراد من الناس في قوله: ( أم يحسدون الناس )كما أسلفناهم رسول الله وأهل بيته( عليهم السلام ) ،لإِطلاق لفظة الناس على جماعة من الناس ،وأمّا إِطلاقها على شخص واحد ( هو النّبي خاصّة ) فلا يصح ما لم تكن هناك قرينة على إِرادة الواحد فقط{[807]} .
هذا مضافاً إِلى أنّ كلمة آل إِبراهيم قرينة أُخرى على أنّ المراد من «الناس » هو النّبي( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأهل بيته( عليهم السلام ) ،لأنّه يستفادمن قرينة المقابلةأنّنا إِذا أعطينا لبني هاشم مثل هذا المقام ومثل هذه المكانةفلا داعي للعجبفقد أعطينا لآل إِبراهيم أيضاً تلك المقامات المعنوية والمادية بسبب أهليتهم وقابليتهم .
وقد جاء التصريح في روايات متعددة وردت في مصادر الشيعة والسنة بأنّ المراد من «الناس » هم أهل بيت النّبي( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
فقد روي عن الإِمام الباقر( عليه السلام ) في ذيل هذه الآية أنّه قال في تفسير الآية: «جعل منهم الرسل والأنبياء والأئمّة فكيف يقرّون في آل إِبراهيم وينكرونه في آل محمّد »{[808]} ؟
وفي رواية أُخرى عن الإِمام الصّادق( عليه السلام ) يجيب الإِمام على من يسأل عن المحسودين في هذه الآية قائلا: «نحن محسودون »{[809]} .
وروي في الدّر المنثور عن ابن منذر والطبراني عن ابن عباس أنّه قال في هذه الآية: «نحن الناس دون الناس » .