التّفسير
في تفسير الآيتين السابقتين قلنا أنّ اليهود عمدوالإِرضاء الوثنيين في مكّة واستقطابهمإِلى الشهادة بأنّ وثنية قريش أفضل من توحيد المسلمين ،بل وعمدوا عملياً إِلى السجود أمام الأصنام ،وفي هذه الآيات يبيّن سبحانه أن حكمهم هذا لا قيمة له لوجهين .
1إِنّ اليهود ليس لهممن جهة المكانة الاجتماعيةتلك القيمة التي تؤهلهم للقضاء بين الناس والحكم في أُمورهم ،ولم يفوض الناس إِليهم حق الحكم والقضاء بينهم أبداً ليكون لهم مثل هذا العمل: ( أم لهم نصيب من الملك ) ؟
هذا مضافاً إِلى أنّهم لا يمتلكون أية قابلية وأهلية للحكومة المادية والمعنوية على الناس ،لأن روح الإِستئثار قد استحكم في كيانهم بقوّة إِلى درجة أنّهم إذا حصلوا على مثل هذه المكانة لم يعطوا لأحد حقّه ،بل خصّوا كل شيء بأنفسهم دون غيرهم ( فإِذاً لا يؤتون الناس نقيراً ){[806]} .
فبالنظر إِلى أنّ هذه الأحكام التي يطلقها اليهود صادرة عن مثل هذه النفسية المريضة التي تسعى دائماً إِلى الاستئثار بكل شيء لأنفسهم أو لغيرهم ممن يعملون لصالحهم ،على المسلمين أن لا يتأثروا بأمثال هذه الأحاديث والأحكام وأن لا يقلقوا لها .
2إِنّ هذه الأحكام الباطلة ناشئة من حسدهم البغيض للنبي( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأهل بيته المكرمين ،ولهذا تفقد أية قيمة ،إنّهم إِذ خسروا مقام النبوة والحكومة بظلمهم وكفرهم ،لذلك لا يحبّون أن يناط هذا المقام الإِلهي إِلى أي أحد من الناس ،ولذا يحسدون النّبي( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأهل بيته الذين شملتهم هذه الموهبة الإِلهية وأُعطوا ذلك المقام الكريم وذلك المنصب الجليل .