ثم تقول الآية مفسرة للصراط المستقيم: ( صراط الله الذي له ما في السموات وما في الأرض ) .
وهل هناك طريق أكثر استقامة من الطريق الذي ينتهي بخالق عالم الوجود ؟
وهل هناك أحسن من هذا الطريق ؟
فالسعادة الحقيقية هي السعادة التي يدعو إليها الخالق ،والوصول إليها يجب أن يكون عبر الطريق الوحيد الذي انتخبه الباريء لها .
أمّا آخر جملة في هذه الآيةوهي آخر آية في سورة الشورىفهي في الحقيقة دليل على أن الطريق المستقيم هو الطريق الوحيد الذي يوصل إلى الخالق ،حيث تقول: ( ألا إلى الله تصير الأمور ) .
فبما أنّه يملك عالم الوجود ويحكمه ويدبره لوحده ،وبما أن برامج تكامل الإنسان يجب أن تكون تحت إشراف هذا المدبّر العظيم ،لذا فإن الطريق المستقيم هو الطريق الوحيد الذي يوصل إليه ،والطرق الأُخرى منحرفة وتؤدي إلى الباطل ،وهل هناك حق في هذا العالم غير ذاته المقدسة ؟!
هذه الجملة بُشرى للمتقين ،وهي في نفس الوقت تهديد للظالمين والمذنبين ،لأن الجميع سوف يرجعون إلى الخالق .
وهي دليل على أن الوحي يجب أن يكون من الخالق فقط ،لأن جميع الأُمور ترجع إليه وتدبير كلّ شيء بيده ،ولهذا السبب وجب أن يكون الباري تعالي هو مصدر الوحي بالنسبة للأنبياء حتى تتمّ الهداية الحقيقية .
وهكذا نرى أن بداية ونهاية هذه الآيات منسجمة فيما بينها ومترابطة ،ونهاية السورةأيضاًيتلاءم مع بديتها والموضوع العام الساري عليها .
/خ53